بعد الحديث عن أهم ما يعتصم به الداعية إلى الله تعالى في هذا الزمن المضطرب وهو الإيمان بالله تعالى وصدق اللجوء إليه والانطراح بين يديه، وأن هذا الإيمان عاصم بإذن الله تعالى للعبد من قواطع الرغبات وفواجع المدلهمات، وأنه النور والسداد في مظلمات الشبهات، وأن الداعية بفقده لدوام الصلة بالله تعالى تعبدا ودعاء ورجاء وخشية يفقد أعظم معين له في مسيرته. نشير بعد ذلك إلى المخرج الثاني والذي يرسم للداعية منهجه ويبين له طريقه ويحقق له رشده وهو الاستزادة من العلم الشرعي وفق منهجية صحيحة راشدة، فإن تمييز المواقف وتقليبها ومعرفة المقصد الشرعي فيها والصواب منها وذلك في كل أمر مشكل غامض هو من أثر النضج العلمي الشرعي؛ والمقصود أن يجتهد الداعية إلى الله تعالى في تحصيل العلم على الدوام تحصيلا يستحضر فيه طرائق العلماء المحققين فيترسمها ويبتعد عن الاستعجال والتعالم والتصدر للفتوى وإنما همه معرفة حكم الله تعالى في كل ما يعرض له، وفي مقدمة ذلك وأوله ما يتعلق بطريقته ومواقفه الدعوية، وحين يظن بعض الدعاة أن باب طلب العلم الشرعي باب تخصصي لا يتوقف الانتساب للدعوة على ولوجه فإنهم يفتحون مدخلا خطيرا لظهور جيل من الدعاة العوام بأحكام الشريعة، وهم على جلالة أدوارهم وأثرهم مظنة خلط في الموقف الشرعي في وقائع كثيرة يواجه بها كل داعية اليوم، وليس الحديث هنا قطعا عن داعية عالم بالضرورة أو تخرج في كلية شرعية متخصصة، وإنما الحديث عن داعية لديه حض أولي من العلم الشرعي لا ينقطع عن زيادته وتمحيصه حتى يصطف على جوار طلاب العلم في إدراكه وفهمه ولا يمنعه ذلك من تخصصه الواقعي في باب آخر، وهو معترف على الدوام بأن الدعوة إنما هي تبليغ رسالة الإسلام وتربية الناس عليها وأن ذلك يعني معرفة الإسلام نفسه والفقه به على النحو الذي يؤهله للتبشير به في كل مكان، وإذا كان الإسلام واضحا جليا فيما نعتقد فإن الواقع المعاصر اليوم بكل ما فيه من تشابك وتداخل وبكل ما أفرزه من شبهات وانحرافات يقتضي أن يعد الداعية نفسه لكل ذلك، وبوابة هذا هي العلم بالإسلام نفسه ففيه الجواب لكل سؤال وفيه الرد لكل شبهة تثار حوله، وإنما يؤتى الناس من جهة جهلهم به، ولهذا المعنى نفسه كان تعظيم الإسلام لشأن العلم وأهله كبيرا، وقد جعل الله العناية بالعلم فريضة على الأمة ينبغي أن ينبعث لها طائفة منهم ليتحقق بهم النذارة والبيان. والجمهور اليوم لا يكاد يفرق بين الداعية والعالم، وقل أن يسلم داعية تصدر للدعوة من الأسئلة العلمية الشرعية من الناس، ومن عرض مشكلاتهم التي يرتقي بعضها إلى درجة النازلة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 111 مسافة ثم الرسالة