خلص المشاركون اليمنيون والسعوديون في منتدى «عكاظ» حول (ظاهرة التمرد في شمالي اليمن) إلى أن هذا التمرد لا يشكل ظاهرة وإنما هي مشكلة كبرت من خلال دعم بعض الجهات الخارجية لها، مشيرين إلى تورط الحوزات العلمية في إيران في دعمهم لها ماديا، مبينين أن الحكومة اليمنية ستعيد النظر في علاقتها مع إيران في حال استمر الدعم لهذه الفئة. واتفق المشاركون على أن الحل العسكري وحده غير كاف لمواجهة هذا الفكر، بل لا بد من مواجهته بالفكر أيضا من خلال تعرية هذا الفكر وتفنيد حججه والرد عليه وبيان حقيقته أمام العامة، مثنين على تجربة المناصحة السعودية والحوار اليمني في القضاء على الفكر الضال بكل أشكاله، ومشيرين إلى أنهما تجربتان مكملتان لبعضهما البعض. وبينوا أن هناك دراسات عديدة تستقرئ الفكر الحوثي، مشددين على أن الشعب اليمني بأكمله يرفض حركة التمرد شرعا وقانونا ومنطقا. وأكد المشاركون على أن الحوثيين يحاولون رفع شعار الزيدية والإشارة إلى أنها حرب سنية شيعية لاستمالة بعض الزيدية في الداخل وكسب تعاطف الشيعة في الخارج وتوصيل رسالة إلى الآخرين عن طبيعة هذا الصراع على أنه صراع سني شيعي. وأفادوا بأن التنسيق اليمني السعودي في أوجه وأنه في حال استمراره بالطريقة هذه فإنه قادر على إنهاء حركة التمرد. وأثنى المشاركون على مواقف الشيعة في المملكة وبعض الدول العربية والذين أدانوا التسلل الحوثي، وأكدوا وقوفهم مع حكومة خادم الحرمين الشريفين ضد أي عدوان يستهدف أراضي المملكة من أي كان.. جاء ذلك في الجزء الثالث والأخير من المنتدى فإلى التفاصيل: • «عكاظ»: لقد سعدت بما سمعته من معلومات قيمة ولكني أتساءل عن الطريقة التي تمكن بها الحوثيون من الحصول على السلاح الذي مكنهم من القتال لست سنوات والاعتداء على حدود المملكة؟ حمود الهتار: «تعلمون الأوضاع التي مرت بها اليمن خلال أيام الفوضى، ومحافظة صعدة بالذات ربما كانت تمثل سوقا واسعا لبيع الأسلحة خلال فترة 30 عاما، كذلك لدينا حدود برية وبحرية واسعة وقد نكون غير قادرين على ضبطها بالشكل المطلوب، ولكن بتعاون الحكومتين السعودية واليمنية استطعنا أن نضيق الخناق على هؤلاء وأن نقطع المدد الخارجي من السلاح، وبإذن الله سيستمر هذا التعاون والفكرة ليست وليدة يوم أو يومين، وبعض الأسلحة التي استخدموها كانت من الأسلحة التي استخدمت في الستينات وبإذن الله سنتغلب على كثير من المشكلات». • «عكاظ»: عرفنا خلال هذه الفترة طبيعة هؤلاء ومقدار التطرف الموجود فيهم، ونتصور أنه يجب معالجة الأمور معالجة كاملة، وليس فقط وضع كامل العبء والثقل في جهة ما، وكأنه في المقابل هناك حق مطلق وصفاء مطلق، ما دور الحكومة اليمنية هنا؟ الهتار: «شكرا على هذه الملاحظات القيمة، ونحن في الحكومة قادرون على تحقيق العديد من الإصلاحات السياسية والإدارية، ونتمنى أن نوفق في تحقيق تلك الإصلاحات وتنفيذها وتحقيق الأهداف المرجوة، فيما يتعلق بالتوزيع العادل للثرة فهو مطلب لا شك في أنه عادل ولكن أحيانا قد يستخدم في غير موضعه، وإمكاناتنا محدودة ومواردنا شحيحة، والدولة سخرت الكثير من الإمكانات لسد الحاجات التنموية الملحة خاصة بعد قيام الوحدة المباركة، وتحقق بفضل الله تعالى ثم بفضل الجهود التي بذلها المخلصون من أبناء اليمن في المحافظات الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية على حدٍ سواء العديد من المنجزات، وإن كنا لم نصل إلى المستوى المطلوب، لكن حينما نقارن العاصمة صنعاء بما كانت عليه قبل الوحدة نجد منجزات كثيرة قد تحققت، وحينما نقارن عدن قبل الوحدة ووضعها اليوم نجد كذلك منجزات، الأمر كذلك لمدينة المكلا وبقية المحافظات نجد نهضة قد حدثت وإن لم تكن بالمستوى المطلوب. نحن نتطلع إلى تحقيق المزيد من المشاريع التنموية وندعو إخواننا وجيراننا إلى التعاون لحل مشاكلنا الاقتصادية، والفقر هو المشكلة الأولى، فكيف نتعاون جميعا، وأسجل في هذا المقام الشكر والتقدير لحكومة المملكة على وفائها بالتزاماتها التي أعلنتها في مؤتمر لندن بالمبالغ التي أعلنت عنها أوفت بها ونتطلع لتحقيق المزيد في هذا الجانب، كما نتمنى على بقية دول مجلس التعاون الخليجي ودورها مشكور ومشاريعها مشهودة في اليمن، ولكن نتمنى من إخواننا أن يساعدونا في حل المشكلة ونحن إخوة». الحوار مع الحوثيين • «عكاظ»: كنت رئيسا للجنة الحوار مع الحوثيين، فإلى ماذا توصلتم، وما كانت مطالبهم، وماذا يريدون من السلطة اليمنية؟ الهتار: «ليست لهم مطالب سياسية أو تنموية أو اقتصادية معلنة، ولكنهم يرفعون دائما مظلمة الزيدية وآل البيت وهي شعارات جوفاء لا يراد منها إلا كسب تعاطف الآخرين، وفي حقيقة الأمر ليس هناك أي ظلم والزيدية كغيرهم من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، ونحترم آراءهم ويؤدون شعائرهم الدينية وفقا لأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية. أما في ما يتعلق بالمعاملات، فالقانون هو الذي يحكم حياة الناس ابتداء من الدستور ثم القوانين الأخرى، وفي ما يتعلق بمسألة السلاح وكيفية الحصول عليه فالحرب كر وفر وبعض هذه الأسلحة ربما حصلوا عليه من خلال المعارك وبعضها ربما وصل إليهم عن طريق البحر نتيجة لعدم وجود إمكانات كافية للسيطرة على الحدود البحرية، وأريد أن أشير إلى أن الشعب اليمني بأكمله يعتقد أن هذه الفئة خارجة عن الشرع وعن القانون، ومن واجبنا أن نعمل جميعا من أجل ترسيخ الولاء أولا ثم للوطن ثانيا». • «عكاظ»: لماذا أهمل موضوع الحوثيين حتى تورم وأصبح كتلة سرطانية خبيثة أزعجت الجميع؟ الهتار: «ربما كانت فكرة تحقيق التوازن هي السبب في ترك الفرصة أمام هؤلاء، وكان الناس يعتقدون أنها حركة ثقافية وليست عسكرية، لكن هذه الحركة الثقافية تعسكرت وأصبحت تتخندق وتقاتل ولا أدل على ذلك من صمودها لست حروب، ومع أهمية الحل العسكري لكنه ليس كافيا وحده ولا بد من جهود متواصلة لترسيخ الوسطية والاعتدال ومحاربة الأفكار المتطرفة التي كانت سببا في مثل هذه الأعمال، ونحن لدينا قناعة بأن كل عملية إرهابية سواء كانت حوثية أو قاعدية لا بد لها من فكر تنطلق منه وتستند إليه سواء كان سنيا أو شيعيا، والفكر لا يواجه إلا بالفكر، ولذلك ما تقوم به صحيفة عكاظ وما تقوم به بعض الصحف في المملكة من دور تشكر عليه في تبيان حقيقة هذه الأعمال». حلول غير تقليدية • «عكاظ»: بما أن الظاهرة الحوثية لها جذورها الفكرية من جهة والسياسية من جهة أخرى واختارت الطرح العسكري لقضيتها، ألا ترون أن هناك حلولا أخرى تلوح في الأفق سواء كانت تنموية أو دبلوماسية أو اقتصادية يمكن أن يتم طرحها للتعامل مع هذه الحركة، لاسيما أن الحسم العسكري لا يتعامل مع أهداف عسكرية ذات قيمة حسبما تورده تقارير عسكرية، وكيف يمكن أن تكون هذه الحلول إذا كانت مطروحة؟ الهتار : «نرحب بأي خيار يحقق الأمن والسلام في محافظة صعدة ويكف أذى المتسللين إلى الأراضي السعودية، ولكن ما الذي يضمن لنا استمرار أي حل يمكن أن يتم الوصول إليه، إذا كانت هذه الجماعة قد نقضت العهود خمس مرات وخالفت الاتفاق أكثر من مرة؟ لذلك أعتقد أن الحلول الفكرية والتنموية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية ينبغي أن تسير في خطوط متوازية». • «عكاظ»: إذا كان هناك تدخل إيراني، فلماذا لا يكون هناك موقف للدولة من إيران مع أن تصريح وزير الخارجية أكد أن هناك دعما من الحوزات فقط وليس من خلال الدولة؟ وما هي الخطط والاستراتيجيات الفكرية الوقائية لبقية المحافظات وهي تسع محافظات؟ وما هي الخطط الاستراتيجية الفكرية لثمانية عشر ألف طالب في حلقات الشباب المؤمن؟ وهل هناك خطط استراتيجيات فكرية لمعالجة هؤلاء؟ الهتار: «ما يقال عن صراع الأجنحة العسكرية كلام غير صحيح؛ لأن الكل في سفينة واحدة، ولا يمكن أن يحدث مثل هذا أو يقبل به إنسان عاقل لأن الكارثة إن حلت فستحل بالجميع وكما قيل: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا لا يمكن لقادة القوات المسلحة أن يتصارعوا، وهم يشعرون أن الخطر يستهدفهم جميعا يستهدف اليمن ويستهدف الوحدة، ولا يمكن أن يحدث مثل هذا الأمر إطلاقا، وهي إشاعات يراد منها إضعاف الموقف العسكري وهي غير صحيحة على الإطلاق. أما عن موقف الدولة، فهي في مواقفها تنظر بأبعاد ربما أكثر مما ينظر إليه الفرد، ولكن كان هناك تصريح لمعالي وزير الخارجية قبل شهرين حدد فيه أنه يمكن للحكومة أن تتخذ موقفا حاسما في ما يتعلق بالعلاقة مع إيران إذا استمر الدعم الإيراني في دعم الحوثيين، وهذا الموقف قائم وإن كان الإخوة في الحكومة الإيرانية ينفون صلتهم بهذا الدعم، ولكن هناك أدلة على أن بعض الحوزات والمراجع الشيعية تقدم دعما ماديا لهذه الجماعة بدعوى أن هؤلاء مظلومون، والحقيقة لست أدري كيف يكون الإنسان مظلوما وهو الذي يرفع السلاح أولا ويقتل الأبرياء؟ ما يقوم به الحوثيون في صعدة هو اعتداء وجرائم يعاقب عليها الشرع والقانون. في ما يتعلق بالخطط، هناك خطط فكرية لمواجهة هذا الفكر المتطرف وإن شاء الله ستحقق نتائجها، وإن كنا بدأنا في الحكومة اليمنية في مواجهة هذا الفكر بفكر معتدل منذ أربع سنوات، ونحن عاملون في الميدان في هذا المجال ويكاد هذا الفكر أن يكون محصورا في مناطق معينة في محافظة صعدة فقط». دراسات عن الظاهرة • «عكاظ»: هل هناك دراسات فكرية قامت بقراءة الظاهرة الحوثية، ولماذا لم نسمع عن هذه الدراسات، خاصة أن هذه الظاهرة ظهرت أخيرا وأغلب الناس لا يعرفون عنها؟ الهتار: «في ما يتعلق بالجلسات الفكرية لقراءة الحوثية هناك ندوات عقدت في العديد من المدن اليمنية والجامعات، وهناك دراسات وبحوث تناولت هذه المشكلة وإن كان البعض سماها ظاهرة فأنا أختلف معهم في هذه التسمية لأنها غير منتشرة وإنما محصورة في مكان معين ولا يمكن أن تصنف على أنها ظاهرة وإنما هي مشكلة، وأتمنى أن نتمكن من جمع ما كتب حول هذا الموضوع وموافاتكم بما هو موجود من دراسات وبحوث». * «عكاظ»: يعتقد بعض المعنيين بتنظيم شؤون القاعدة بأنها بقدر ما ظهرت في منطقة القبائل في باكستان، وبالتحديد في منطقة وزيرستان وأصبحت قوية وذات جذور في اليمن، بمعنى آخر ما يشبه وزيرستان في اليمن، هل هذه التخوفات موجودة لدى صناع القرار في اليمن؟ الهتار: «فيما يتعلق بالقاعدة وظهورها في باكستان واليمن، فالحقيقة أن اليمن والمملكة تتعرضان لظلم فادح بسبب القاعدة، فصورة القاعدة في اليمن والمملكة أقل كثيرا مما هو موجود في وسائل الإعلام التي تعطي القاعدة صورة كبيرة وحجما أكبر من حجمها سواء في اليمن أو المملكة. المشكلة أقل بكثير ولا تساوي 10 في المائة مما هو في وسائل الإعلام، وكما تعلمون فإن هناك جهودا تبذل للقضاء على القاعدة وهي تأخذ محورين؛ الأول فكري والآخر الإجراءات ضد الخارجين عن القانون، وهناك حوار في اليمن ومناصحة في المملكة والتجربتان تهدفان إلى تصحيح المفاهيم التي وجدت لدى بعض أبنائنا، وهي مفاهيم خاطئة تتعارض مع ديننا وتسامحه. وحققت التجربتان نجاحا ملحوظا سواء تجربة المناصحة أو الحوار وعاد الكثير من الشباب من خلال إجراء المناصحة والحوار والإجراءات الأمنية ضد الخارجين على القانون، ولعلكم تتابعون ما تصدره وزاراتا الداخلية في البلدين من بيانات تباعا عن إجراءاتها في مواجهة الخارجين عن القانون». التنسيق الأمني • «عكاظ»: نعلم أن هناك تنسيقا أمنيا وعسكريا بين المملكة واليمن، إلى أين وصل هذا التنسيق للقضاء على هذه الظاهرة في أقرب وقت ممكن، لا سيما أنها تخدم أجندة وأهداف دول خارجية توسعية؟ الهتار: «العلاقات اليمنية السعودية في أفضل حالاتها على الإطلاق، والتعاون متميز، وكلتا الحكومتين تعمل على مواجهة الأعمال الخارجة عن القانون في حدود سيادتها على أراضيها. ليس صحيحا ما تثيره بعض وسائل الإعلام الإيرانية والحوثيين من أن قوات سعودية تضرب داخل الأراضي اليمنية وقوات يمنية تضرب داخل الأراضي السعودية. هذا غير صحيح لكن الحكومتين متعاونتان في الجوانب الأمنية والعسكرية». المشاركون في المنتدى: • القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف رئيس لجنة الحوار في اليمن. • د. أحمد الدغشي أستاذ التربية الإسلامية وفلسفتها في جامعة صنعاء ومؤلف كتاب «الحوثيون». • السفير محمد القطيش القنصل العام في جدة. • الأستاذ أحمد الذهباني مدير عام المركز الإعلامي في القنصلية. • مهدي النهاري رئيس الجالية اليمنية في جدة. • الشيخ محمد حمد القاضي (قاض في اليمن). • مجموعة من أبناء الجالية اليمنية. كتاب ومحررو عكاظ : • عبد الله خياط • د. بدر كريم • د. صالح بن سبعان • د. صالح الكريم • د. أنمار مطاوع • عبد الله حسن عبدالباقي • د. خالد الهباس • د. فيصل العتيبي • نجيب يماني • أحمد عائل فقيهي • فهيم الحامد • سعيد آل منصور • نعيم تميم الحكيم