لعل أكثر سؤال أواجهه من القراء يوميا هو سؤال مفضل لديهم وهو: لماذا تكتب؟ ألا تتعب؟ ما فائدة الكتابة؟ في كل مرة أحاول أن أقول لهم شيئا، وأحيانا أكثر من الكلام وأحيانا أقل منه. غير أن الكاتب التركي الفائز لتوه بجائزة نوبل للآداب «أورهان باوموك» أعطاني نصا جميلا وهو يلقي خطابه أمام الأكاديمية السويدية يشرح فيه لكل الناس لماذا يكتب الكاتب؟ يقول «باوموك»: «أكتب لأن عندي احتياجا داخليا للكتابة، أكتب لأنني أريد قراءة كتب مثل التي أكتبها، أكتب لأنني غاضب منكم كلكم، غاضب من الجميع، أكتب لأنني أحب الجلوس في غرفة طيلة اليوم أكتب، أكتب لأنني لا يمكنني المشاركة في الحياة الحقيقية سوى بتغييرها، أكتب لأنني أريد الآخرين، كلنا جميعا، العالم بأسره أن يعرفوا أي نوع من الحياة نعيشها، ونواصل عيشها، في إسطنبول، في تركيا. أكتب لأنني أحب رائحة الورق والقلم والحبر، أكتب لأنني أؤمن بالأدب، بفن الرواية، أكثر من إيماني بأي شيء آخر، أكتب لأنني أخشى أن يطويني النسيان، أكتب لأنني أحب المجد والاهتمام اللذين تجلبهما الكتابة، أكتب لأنها عادة، هوى، أكتب كي أكون وحدي، ربما أكتب كي أفهم لم أنا غاضب جدا جدا منكم كلكم، غاضب جدا جدا منكم جميعا. أكتب لأني أحب أن يقرأني الآخرون، أكتب لأنني بمجرد أن أبدأ رواية، أو مقالة، أو صفحة، أريد أن أنهيها، أكتب لأن الجميع ينتظرون مني أن أكتب، أكتب لأن لدي إيمانا طفوليا بخلود المكتبات، وبالطريقة التي تستقر بها كتبي فوق الرفوف. أكتب، لأنه من المثير تحويل كل جمال وثراء العالم إلى كلمات، أكتب، لا كي أحكي قصة، بل كي أنظم قصة. أكتب لأنني آمل أن أفر من شعور الشؤم بأنه ثمة مكان علي الذهاب إليه لكن _ كما في حلم _ لا يمكنني الوصول إليه. أكتب لأنني لم أكن سعيدا تماما أبدا. أكتب كي أكون سعيدا». ولا أزيد كلمة. [email protected]