حركة دؤوبة، هدير مركبات، أزيز معدات تحفر هنا وهناك، سواعد تنصب خيمة هنا وعلى بعد أمتار منها تنصب الثانية، معلم جمع طلابا في صف فضائي يلقنهم بعض ما خسروه من ترك مدارسهم، أيادي أطباء تعالج الجسد أما الروح فلها رب يتدبر أمرها، أطفال يلهون، وعلى الحد الفاصل بين مركز الإيواء والطريق المحاذي له جنود يقفون على أهبة الاستعداد لحماية النازحين في مخيم أحد المسارحة. وتحول المركز بين لحظة وأخرى إلى حي متكامل الخدمات، بعد أن نفذت الوزارات المعنية توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتوفر كل الخدمات ووسائل الراحة لسكان القرى الحدودية الذين أخلوا منها ونقلهم إلى هذه المخيمات حفاظا على سلامتهم من الضربات العسكرية في مواجهة القوات المسلحة مع عصابات التمرد على الشريط الحدودي. ويرى مراقبون أن الإمكانيات التي سخرت في مراكز الإيواء من جميع قطاعات الدولة (حكومية وأهلية)، في وقت قياسي، يعتبر دليلا إضافيا يؤكد قدرة وعطاء إنسان هذا الوطن وما يحظى به من اهتمام ورعاية من القيادة. ورصدت «عكاظ» سير العمل والتجهيزات التي وضعت في المخيم ابتداء من ردم طرقاته الداخلية وتركيب المكيفات في الخيام وانتهاء بالمدارس المتنقلة والمسارح الترفيهية للأسر والأطفال، إذ تحول المركز من مخيم لإيواء النازحين إلى مقر ترفيهي يغير فيه النازحون حالتهم النفسية في الوقت الذي يحارب فيه رجال الجيش على الجبهة. وفيما يتعلق بالخدمات البلدية أوضح ل «عكاظ» أمين منطقة جازان المهندس عبد الله بن محمد القرني أن الأمانة ممثلة في بلدية محافظة أحد المسارحة والبلديات الأخرى التي تساندها جهزت مركز الإيواء الخاص بالنازحين وتهيئته بكل ما يحتاجه النازح، كما زرعته ببعض الورود وأنارت نحو 130 عمود كهرباء داخلي وفي محيط المخيم، ووزعت 400 حاوية للنظافة بين الخيام. وأضاف أن البلدية تواصل ردم المواقع المجاورة للمخيم لتمهيدها ونصب الخيام فيها، استعدادا للطوارئ في حالة نزوح المزيد من سكان الشريط الحدودي، ويجري حاليا تجهيز ملعب لكرة القدم، كما تعمل نحو 22 فرقة على رش المخيم في فترتي الصباح والمساء. وعلى مستوى خدمات الدفاع المدني أوضح مدير الدفاع المدني في منطقة جازان العميد حمود الحساني أن المخيم يؤوي آلاف الأفراد في الخيام التي زودت بدورات المياه وخدمات الصرف الصحي، بالإضافة إلى العيادة الطبية ومركز للهلال الأحمر، عدا عن الشقق المفروشة. وحول الخدمات الصحية أوضح مدير عام الشؤون الصحية في المنطقة الدكتور محسن طبيقي أن صحة المنطقة جهزت مركزا صحيا متكاملا يعمل على مدار الساعة ويبلغ عدد الأطباء الموجودين فيه ستة أطباء في عدد من التخصصات وثلاث طبيبات يعملن في قسم النساء الموجود داخل المركز بالإضافة إلى 12 ممرضة وممرضا، وستة مراقبين صحيين وأربعة فنيي مختبر وستة صيادلة وأخصائي نفسي واحد، كما يتوافر في المركز سيارة إسعاف مجهزة بجميع الأجهزة. ووفر فرع وزارة المالية في منطقة جازان 1800 وجبة غذائية يومية تقسم على ثلاث دفعات كفطور وغداء وعشاء، كما تم التعاقد مع مطعمين مخصصين لتأمين كميات الغذاء المطلوبة، إلى جانب تأمين 600 مكيف كهربائي وخمسة آلاف بطانية ومرتبة للنازحين. وانضمت شركة الكهرباء للجهات المرابطة في مخيم الإيواء، عبر إيصال الخدمة الكهربائية لأكثر من 460 خيمة داخل المخيم، بالإضافة إلى تركيب محول قدرته 400 كيلو فولط، بالإضافة إلى كبائن للتوزيع وتأمين 900 كرتون مياه شرب معبأة يوميا و36 وايت مياه سعة خمسة خزانات مخصصة للاستخدام اليومي. من جانبه، أشار مدير فرع وزارة النقل في منطقة جازان المهندس ناصر الحازمي إلى أن فرع الوزارة جهز غرفة عمليات على مدار الساعة لتقديم المساعدة معدة بطاقم مراقبين ومشرفين، بالإضافة إلى تنفيذ أعمال داخل المخيم من فتح طرق لتوصيل الخدمات من الجهات الحكومية الأخرى في المخيم وتسهيل عملهم وكذلك استكمال عمل ساحة للدفاع المدني في المخيم بالإضافة إلى العمل المتواصل من أعمال الإنارة. ولم تكن مديرية التعليم أقل حضورا عن غيرها من الجهات المعنية إذ أوضح ل «عكاظ» مدير عام التربية والتعليم في منطقة جازان شجاع بن ذعار أن إدارته ساهمت بعدد من الخدمات التطوعية داخل المخيم لخدمة النازحين، عبر الكشافة ومركز الخدمات الاجتماعية، ويشارك مركز الخدمات الاجتماعية التطوعية في مخيم الإيواء بأحد المسارحة في مساعدة المواطنين. وأضاف مدير التعليم أن 150 كشافا من إدارة تعليم جازان يعملون في تقديم الخدمات للنازحين في المخيم وإرشادهم ونصب الخيام وتوزيع وتقديم الوجبات والمياه والعصائر. كما تشارك جامعة جازان عبر جوالة الجامعة في إعداد برنامج ترفيهي للنازحين وإعداد الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية في المخيمات، وذلك بعد أن تم نصبها وتجهيزها وترقيمها. كما وفر فرع الزراعة في جازان عيادة بيطرية متنقلة داخل المخيم تقوم بتطعيم المواشي وتحصينها من الأمراض المعدية. فيما تشارك الجمعيات الخيرية في البحث عن احتياجات الأسر من غذاء وفرش وبطانيات وغيرها.