اخترت هذا العنوان بغية إيجاد وصف لمشكلة حقيقية خطيرة يعيشها أفراد المجتمع السعودي بشكل يومي في الطرق الرئيسية والشوارع الفرعية، وتتمثل في محاولة تفادي الحوادث أثناء القيادة، وتجنب الآثار السلبية القاتلة الناتجة عن التهور وسوء التقدير. ولن أتطرق هنا إلى الإحصاءات الرسمية عن عدد حوادث السيارات المسجلة في مدن المملكة وطرقها السريعة، ولا عن عدد المتوفين والمصابين جراء تلك الكوارث، فقد أصبحت هذه الأرقام مألوفة بسبب ترديدها لسنوات طويلة دون تفعيل إجراءات ملموسة للتقليل منها، وباتت سمجة لدى كثيرين من الأفراد الذين لا يملكون إلا التحسر على وصولها إلى معدلات تنافسية. ولا شك أن عددا من العوامل تتضافر سويا لحصول المجتمع السعودي على موقع متقدم في لائحة المجتمعات صاحبة السبق في حوادث السيارات، منها: تخطيط وإنشاء ورصف الطرق بشكل لا يلبي تطلعات المواطن، وتنامي مخالفة الأنظمة المرورية بشكل فظ، واستمراء كثير من السائقين القيادة بسرعة غير محمودة العواقب، فضلا عن التهاون في أخذ احتياطات السلامة، كتداول قطع الغيار المقلدة، والانشغال المتكرر بالهاتف النقال أثناء القيادة. والمؤلم حقا، أن عددا من السائقين الملتزمين بالقيادة الآمنة يجاهدون يوميا في سبيل التشبث بحياتهم، والوصول سالمين إلى بيوتهم وأبنائهم، متخطين عددا غير قليل من الحوادث الكامنة، ومتجاوزين بلطف الله كثيرا من أخطاء المتهورين المتربصين بهم على الطرقات وفي المنعطفات. ولاشك أن أولئك المتهورين يمثلون خطرا حقيقيا على غيرهم قبل أنفسهم، بسبب إصابتهم باضطراب في الشخصية أو التربية السليمة، أو أمراض بدنية تعيقهم عن التفكير السليم، وتنأى بهم عن السلوك القويم، إلا أن نظام المرور، بداية من الحرص على تعليمهم أصول وفن القيادة، واستحقاقهم رخصة السير، ومرورا بإيقاع الكشف الطبي عليهم بصورة دورية، ومحاسبتهم على مخالفاتهم، قاصر في رأيي عن محاصرتهم وتحجيم خطرهم وإلزامهم بالأنظمة التي تحفظ على المجتمع مقوماته البشرية والوطنية. وأخيرا، يا سادتي المسؤولين، ألم يحن الوقت لمشروع وطني تعليمي ثقافي توعوي رسمي ومجتمعي شامل يحاول وقف نزيف الأرواح، ويختصر عدد المبتورين والأرامل والأيتام نتيجة للآلاف من مآسي حوادث المركبات؟!. *استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم في جدة