بدأ يتحدث عن الخلاف بينه وبين زوجته بلغة هادئة واضح فيها مقدار حرصه على أن يكون منصفا لها ولنفسه، وكلما لامس خطأ اقترفه كان يعترف ويقول: الحق أنني لم أحسن التعامل مع هذا الموقف ففقدت سيطرتي على نفسي وصرخت بها، وتارة يقول: وفي هذا الموقف دفعتها، وتارة أخرى يقول: والمؤسف أنني هنا شتمتها...، إلا أن اللافت كان كثرة مقاطعتها له، مما اضطرني لإعطائها دفترا وقلما كي تكتب ملاحظاتها على ما يقول، ولكي تتاح لها فرصة مناقشة زوجها فيما بعد، ولم يكن هذا المشهد في حياتي اليومية غريبا من حيث عمق الخلافات بين الأزواج الذين لطالما سمعت قصصهم وخلافاتهم، ولكن الغريب في المسألة هو حرص الزوج على إنصاف نفسه وزوجته، وحين أكمل وصف بعضا مما يدور الخلاف عليه، فاجأني بقوله إنه يحبها ولا يستطيع الاستغناء عنها، وأكدت الزوجة بدورها أنها تحبه أيضا، وأدركت سريعا أن لغة التواصل هي أهم نقطة من نقاط الضعف في علاقتهما، فالزوجة لا تملك من القدرة على الإنصات إلا الحد الأدنى، إذ الثابت علميا ومن خلال العديد من الدراسات أن التواصل الناجح ينبغي أن يتضمن ما لا يقل عن 40 في المائة من الوقت للإنصات، كما ثبت أن أكثر الناس الذين يكسبون قلوب غيرهم أثناء التواصل هم أولئك الذين يتقنون فن الإنصات، وكثيرون منا يذهبون إلى حيث يجدون من ينصت لهم، ولو أمعنا النظر في مجموعات الأصدقاء لوجدنا أن أكثرهم شعبية هو من يستطيع أن ينصت لغيره، ومن يدقق في مشكلة الزوجين السابقة التي وصلت إلى مرحلة متقدمة من الخلاف، سيجد أن كلاهما يريد أن يتحدث، وليس بينهما من يريد أن يستمع أو ينصت وإن كنا بحاجة إلى التمييز بين الإنصات والاستماع، وما حدث أن الزوج في المشكلة السابقة كان يصف المشكلة من زاويته، وكلما قال ما لا توافق عليه الزوجة كانت تعترض وهو بدوره يهمل ما تقول، وبالتالي كانت تزداد غضبا لا لأنه يغير من الحقائق من وجهة نظرها وإنما لأنه لم يكن يعيرها اهتماما لما تقول، وهذا بدوره يزيدها حنقا وغضبا، وأعتقد أنني لو لم أكن موجودا في تلك الجلسة فستكون العواقب أكثر سوء، لأن ما سيحدث في الغالب سيتمحور حول توقفه عن الكلام والرد على اعتراضها على نقطة معينة، وستقوم هي بدورها بالرد على رده، وبعد أقل من دقيقة سيكون كلا الطرفين متحدثا ولن نجد بينهما من ينصت للآخر، وسيتحول الحوار إلى ما يطلق عليه العوام اسم «حوار الطرشان»، وهو حوار لا منصت فيه فكلا الطرفين يتحدث وكأنه أصم لا يسمع ما يقوله الطرف الآخر، والمؤسف أن هذا النوع من الحوار هو النوع الغالب في داخل بيوتنا، فلا الزوجة لديها الرغبة في الإنصات لما يقوله زوجها، ولا هو بدوره لديه هذه الرغبة، ويترتب على ذلك أن كلا منهما يريد أن يقول أنا على حق، وبتقديري قد يكون كلاهما على حق، فمثلا لو أن الزوج لا يريد أن يذهب يوما للسوق مع زوجته لأنه مرهق ومنزعج مما حدث بينه وبين رئيسه في العمل فهو على حق، وهي بدورها على حق أيضا إذا كانت تريد الذهاب للسوق سواء لشراء مستلزمات المدرسة لأولادها أو لشراء مستلزمات المنزل، وبالتأكيد ستستقيم الحياة بصورة رائعة لو أن كلا منهما أنصت للآخر وفهم متطلباته وقدر ظرفه وسايره، لأنه من المرجح في المرة القادمة أن يجد نفس الرغبة في تقدير متطلباته، لا لشيء إلا لأن الإنصات رسالة احترام وتقدير من المنصت للمتحدث. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 146 مسافة ثم الرسالة او عبر الفاكس رقم: 6327389 الهاتف: 2841552 الإيميل: [email protected]