سؤال يتردد في ذهني، وربما في ذهن كثيرين من الناس: أين مكاتب مكافحة التسول؟ وهل أمن المتسول العقاب حتى يتواجد حيث يريد، عند إشارات المرور، والمحال التجارية، وأمام المستشفيات والإدارات الحكومية، وأمام المصلين في المساجد. اعتاد الناس في بعض المساجد بعد كل صلاة على أن يقوم أحد المصلين متخفيا بالزي السعودي ويدعي أن لديه عددا من الأطفال وهو عاجز عن دفع قيمة إيجار المنزل ومهدد بالطرد، أو يدعي مرضا أو ظرفا ما وقد أحضر صورة مستند مزور يريد من خلالها إثبات الحالة، ويحلف ويقسم على ذلك، أو حصل له حادث سيارة ومات من مات وهو مطالب بدفع الدية، همه الوحيد هو الحصول على الأموال وبأية طريقة. أما ما يحدث عند كثير من إشارات المرور فهو في الحقيقة مهزلة، فقد اعتاد سائقو السيارات على مشاهدة بعض من النسوة وهن يتجولن بين السيارات وقد مددن أيديهن وعيونهن على ما بداخل الجيوب، وقد تكون مشغولا في بعض الأحيان بمكالمة هاتفية إلا أن «الأخت» تصر على الطلب وتطرق عليك زجاج النافذة لتنبهك بوجودها على أمل أن ينكسر قلبك لتمد لها يد العون والمساعدة، وبعض منهن ربما تحمل طفلا (لا تدري أن كان ابنها أم لا)؛ لتلين القلوب القاسية فيكون المال أكثر تدفقا وربحا، فهذه المهنة لا تحتاج إلى واسطة ولا إلى شهادات ولا حتى تقاعد مبكر أو تقاعد نهاية خدمة، فالمجال مفتوح من طفل صغير لم يبلغ الحلم بعد إلى شيخ كبير ومن الجنسين. من المسؤول عن تنامي هذه الظاهرة؟ وهل تحدث أمام المواطن العادي ممن لا علاقة له بمكافحة التسول؟ أم أن مسؤولي ومنسوبي مكاتب المكافحة يرون ما نرى؟ قد يقول قائل إن المواطنين يقفون خلف انتشار الظاهرة نتيجة تجاوبهم مع مطالب المتسولين، قد يكون ذلك صحيحا في جزء منه ولكن لا يمكن أن نحمل المواطن كامل المسؤولية، فإلى أن ترتفع نسبة الوعي ننتظر أن تفعل مكاتب مكافحة التسول دورها وتحرص على احتواء الظاهرة والحد من تفاقمها واستشرائها قبل أن تصبح وظيفة من يملك ومن لا يملك ما يسد رمقه، خصوصا أنها أصبحت من أقصر الطرق للحصول على المال، ولا تحتاج وسيطا ولا مؤهلات سوى إتقان الكذب والخداع والتباكي وإراقة ماء الوجه في الشوارع والطرقات والساحات العامة. صالح سعود الحائطي الحائط