لم يكتفن بالطرقات، فأخذن يتجولن في أماكن غير معتادة، باحثات عن صدقات من بين المحسنات، إلى هنا والأمر طبيعي، بيد أن ما لا يخطر ببال أحد، تحول وجهات بعض المتسولات صوب مقار مدارس البنات، باسطات أكفهن إلى طالبات يمددن بدورهن أيديهن صباح كل يوم إلى ذويهن لمنحهن مصروفاً محدداً لفترة متعارف عليها سلفاً، من دون رقيب أو حسيب. وعلى رغم انتشار ظاهرة التسول في الشوارع العامة وعند إشارات المرور والمساجد والمراكز التجارية، إلا أن الجنس اللطيف من الممتهنات لهذه الظاهرة يبدو أنهن لم يكتفن بذلك، فقررن الالتفاف على مدارس جنسهن وبالتالي ضمها إلى صفوف أماكن التسول المعتادة، بعدما ضاق الخناق بهن ذرعاً من جهات المكافحة في الأماكن التي اعتدن مد أياديهن فيها. واشتكت طالبات في مدارس عدة في المملكة ل«الحياة» تردد بعض المتسولات داخل المدارس بغرض جمع الصدقات من المعلمات بعد نسج قصة استعطافية ببعض الكلمات التي ترقق قلوبهن، وقالت: «لفت نظري مرات عدة وجود امرأة ومعها طفلتها خلال فترة الفسحة تتسول بها في أرجاء غرفة المعلمات». وأكدت الطالبة أن السيدة التي رأتها في المدرسة هي نفسها التي تصادفها في الحي الذي تسكن فيه، إذ إنها طرقت ذات مرة باب منزلها واتضح لها أنها نفس المرأة. وتساءلت: «كيف يتسنى لمتسولة الدخول إلى المدرسة والتجول في فنائها من دون أي حسيب أو رقيب»، مفيدة أن المتسولة التي تحدثت عنها ليست هي الوحيدة بل تجد مثيلاتها كثيراً في المدرسة نفسها. واعتبرت الطالبة في حديثها تغيب حارس المدرسة في بعض الأحيان عن البوابة الرئيسة، أكبر الأخطاء التي تسهل عملية ولوج المتسولات إلى داخل فناء المدرسة من دون علم أحد، ودللت على ذلك بحضور والدتها إلى المدرسة مرتين وتمكنها من الدخول من دون اعتراضها من أحد إذ لم تجد في الأصل الحارس عند بوابة الدخول أو حتى في غرفته الخاصة. في المقابل، أوضحت مرشدة الطالبات بإحدى المدارس الابتدائية في جدة (فضلت عدم ذكر اسمها) أن إدارة مدرستها لها دور كبير في ضبط مثل هذه الأمور، ومنع دخول المتسولات إلى داخل فنائها، وتابعت: «كانت هناك محاولات لدخول بعض الممارسات لهذه الظاهرة إلى مدرستنا، إلا أن تشديد الإدارة وحزمها منعت وجود هذه الشريحة». وأكدت المرشدة بأن وزارة التربية والتعليم وضعت رقماً خاصاً ومباشراً للتبليغ عن المتسولات الموجودات أمام بوابات المدارس حتى يتم إلقاء القبض عليهن على الفور، بيد أنها استدركت: «حاولنا مراراً وتكراراً الاتصال بالرقم والإبلاغ عن هؤلاء إلا أننا نتفاجأ في كل مرة نجري فيها اتصالاً بعدم الحصول على أي رد أو إجابة». من جهتها، حاولت «الحياة» استيضاح الأمر من جانب وزارة التربية والتعليم إلا أن متحدثها الرسمي محمد الدخيني فضل عدم التعليق على هذا الموضوع لحين درس القضية بشكل واسع.