تحت هذا العنوان كتبت سابقا عن لجوء بعض القضاة بحسن نية إلى استبدال عقوبات السجن أو الجلد بإلزام المعاقب بحفظ أجزاء من القرآن الكريم أو سماع محاضرات دينية أو العمل في توعية الجاليات الإسلامية لكي تكون العقوبة لها أثر إصلاحي في حياة المعاقب. وهذا أمر حسن لو تعددت طرق إدخال الجاني في الحياة الاجتماعية كإلزامه بتنظيف الشوارع العامة أو تنظيف المساجد أو العمل مع الدفاع المدني أو في الإسعاف، بمعنى أن يقدم خدمة للمجتمع من غير الدخول في الأمور الدينية، فأنا لا أقبل مثلا أن يتحول القرآن الكريم إلى عقوبة، فالقرآن الكريم كلام الله حفظه والعمل به يجب أن يكون منطلقه التقرب إلى الله عز وجل وتدبر معانيه ومضامينه وليس تقربا في تحسين صورة الفرد أمام القضاء أو أمام الناس، وكنت منذ البدء أستشعر بخطورة هذا الفعل فمع اشتداد ما اصطلح عليه (الصحوة الإسلامية)، أوجدت طريقة غريبة مع السجناء حيث تحول القرآن إلى مخرج من تمضية مدة العقوبة فمن يستطيع حفظ أجزاء من القرآن الكريم يتم إخلاء سبيله، ثم تطورت المسألة حتى تحول إلى أمر : (احفظ أجزاء من القرآن وأخرج من السجن)، فتحول القرآن الكريم إلى عقوبة، ونحن نعرف أثر العقوبة على نفسية المعاقب (بغض النظر إن أقدم عليها طائعا أو مكرها )،كما أن الأحكام القضائية التي ينتهجها بعض القضاة بالحكم على المعاقب بملازمة مواقع الجاليات الإسلامية فيه خطر على تقديم الصورة غير الحقيقية للمسلم الحق، فلو تمت معاقبة متعاطي مخدرات بأن يلازم مثل هذه المواقع فهو يلازمها كمعاقب وبالتالي فهو ليس مهيأ لأن يقدم صورة حقيقية للمسلم وليس لديه الأساليب القادرة على إحداث الأثر في نفسية الجاليات المسلمة كما أنه لايمثل القدوة الحسنة لهذه الفئات التي لاتعرف أن هذا الشخص يمضي عقوبة بتواجده معهم بل تنظر إليه كأنموذج للمسلم داخل البلاد. ولأننا نعرف تماما أن الدين الإسلامي ليس منغلقا وليس مقصورا على المناشط التعبدية الصريحة (سواء بحفظ القرآن أو سماع المحاضرات الدينية أو أداء الصلوات كعقوبة أيضا ينص عليها القاضي بملازمة المسجد) بل هو دين يؤكد أن كل فعل خيري سبقته النية يدخل في العبادات، ولأن الحياة تشظت في مناشطها، يمكن أن تكون هذه الأحكام موجهة لإحداث أثر فعلي في حياتنا بأن يتم توجيه العقوبة لفعل عمل اجتماعي يحتاج إليه الناس كأن ينفذ الجاني عقوبته داخل غرف الطوارىء في المستشفيات أو يساعد في عمليات الدفاع المدني أو الإسعافات أو تنظيف شارع أو العمل داخل المحكمة أو مساعدة رجال المرور، بمعنى أن يتم توجيهه إلى أية جهة من الجهات يمكن للعقوبة أن تستصلح هذا المعاقب لكن أن تكون عقوبته حفظ القرآن أو ملازمة جاليات إسلامية فهذا الذي أراه غير مناسب بتحويل العبادة إلى عقوبة.. ومن يفهم سينتبه لخطورة مثل هذه العقوبات.!! ولأن الأمر لازال قائما أتمنى على القضاة أن تكون العقوبات البديلة قريبة من واقع الحال، وأن لا تتحول العبادات إلى عقوبة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة