الأبواب من الروائع الهندسية التي لا نعطها حقها من التأمل والاحترام.. تأمل في عدد الأبواب التي استعملتها اليوم وستجد أنها روائع هندسية نتحدى الجاذبية من خلالها فنحركها بيسر بالرغم من أوزانها الثقيلة.. ولو تأملت في أبواب الطائرات بشكل خاص فستجد فيها العجائب، فهي من أضعف النقاط في جسم الطائرة لأنها أكبر فتحات في مقصورة الركاب وتتعرض لقوى عجيبة ومنها فارق درجة حرارة الهواء بين داخل المقصورة وخارجها فيكون بداخل الطائرة بين العشرين والثلاثين بينما يتراوح خارجها بين ما يفوق الخمسين درجة مئوية فوق الصفر إلى الستين تحت الصفر... ناهيك عن الضغط على الباب الذي يعادل وزن عشرين سيارة «كامري» تقريبا.. لهواة الهندسة فالضغط يعادل حوالي رطل لكل بوصة مربعة.. وبالرغم من كل هذه القوة فقد قامت المضيفة بفتح الباب بيسر.. ومن المعلومات العجيبة عن طائرة الجامبو أن جزءا من اختباراتها للحصول على الترخيص الدولي هو أن يتم إخلاء جميع ركاب الطائرة من جانب واحد خلال 90 ثانية فقط.. لك أن تتخيل أن في البوينج 747 التي ممكن أن يفوق عدد ركابها ال500 شخص والتي تحتوي على خمسة أبواب على كل جانب، يتم فتح تلك المخارج وخروج الركاب بيسر في تلك الفترة القصيرة التي تكفي لترتيل التشهد ثلاث مرات فقط.. وللأسف أننا لا نتعظ بهذه الأمثلة الرائعة فكثير من مخارج الطوارئ في المنشآت المختلفة التي نستعملها لا ترتقي لمستوى السلامة المطلوب سواء كانت في المدارس، أو الجامعات، أو المساجد، أو المساكن، أو المكاتب.. بعضها غير كافية لاستيعاب الأعداد بداخل المنشأة، وبعضها غير لائقة بسبب وضعها أو مكانها أو صعوبة موقعها أو صعوبة رؤيتها، والأسوأ من كل هذا أن بعضها غير موجودة في الأساس.. وهناك جوانب أخرى مهملة للأبواب فبعض المؤسسات والدوائر لا تهتم بأبوابها فكأنها تعلن لك «من غير مطرود» قبل أن تدخل، وخصوصا إن كنت من كبار السن أو المعوقين حركيا..وبالتالي فبعض الأبواب تضيف ضبابية إلى مفهوم «خدمة الجمهور» فيصبح غير واضح من هو الخادم ومن المخدوم.. وهناك جهات لا تهتم برسالة الباب علما بأن الدارج في تاريخ بلدنا أن بعض المناطق كانت لديها بيوت دون أبواب وأشير هنا بالذات إلى بيوت مكةالمكرمة التي كانت ترحب بزوارها إلى أبعد الحدود.. وفي تاريخ المدن في الشرق والغرب نجد أن مفهوم السور حول المدينة كان راسخا، وبالتالي فمفهوم الأبواب والبوابات كان يعكس مدلولات مهمة في المدن التاريخية، وعلى سبيل المثال ففي القدس التاريخية نجد أن بوابة دمشق لها أهمية تاريخية بل وأهمية عمرانية فهي في شمال المدينة، وكانت تحدد المحور الشمالي الجنوبي لزهرة المدائن.. وكل من محاور المدينة يبدأ ببوابة على سورها العتيق.. ولدينا في جدة التاريخية باب مكة وباب جديد وباب شريف وغيرها من الأبواب والبوابات التي عرفت الصورة الذهنية للمدينة. أمنية لا تقتصر أهمية البوابات على المدن التاريخية فحسب، فالعديد من المدن اليوم تهتم بالبوابات المميزة كرموز معمارية مهمة لتعظم شأن المدينة.. وبالرغم من وجود العديد من تلك الرموز لتعريف مداخل مدن وطننا المهمة فهناك حاجة إلى تقويم وضع بوابات مدننا، فجدة مثلا بحاجة إلى رمز عمراني يليق بمكانتها ويعكس دورها المميز كثاني أكبر مدن الوطن وأكبر مقاصدها السياحية.. أتمنى أن نعطي الأبواب أهميتها، ولك أن تتخيل فرص الوصول إلى أبواب الجنة خلال هذه الأيام المباركة. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة