من الخطوات الأساسية في تصميم وتجربة أية طائرة تجارية جديدة هي موضوع المخارج...وبالتحديد تصميم مخارجها وانسيابية الحركة بداخلها، لتسمح في حالات الطوارئ بخروج جميع الركاب بسلامة، وبسرعة ويسر في فترة زمنية قصيرة جدا...وبالتحديد يتضمن اختبار الطائرة خروج جميع الركاب من جميع مخارج جانب واحد فقط من الطائرة خلال فترة تسعين ثانية أو أقل...فكر في هذه الفترة القصيرة فهي لا تتعدى زمن تلاوة «التشهد» ثلاث مرات تقريبا...وبعض الشركات يطمحون لفترة أقل من هذه...ربما تلاوة التشهد مرتين... وقبل حوالي أربع سنوات شاهدنا تجربة طائرة الإيرباص أ 380 العملاقة الجديدة أثناء إجراء هذه التجربة المثيرة في مقر الشركة في مدينة «هامبورج» بألمانيا، وكانت من المناظر الديناميكية الرهيبة فلك أن تتخيل حوالي 873 إنسانا جالسين في مقاعدهم بداخل الطائرة بانتظار إشارة الخروج، وعند الإشارة يقفون بسرعة وبتنظيم عجيب (كانوا جماعة أوربيين ولا مؤاخذة) ويتحركون نحو المخارج ليخرجوا باستعمال «الزلاقات» على جانب واحد من الطائرة فقط خلال الفترة القصيرة جدا...بمعدل يفوق الراكب والنصف في الثانية الواحدة...ويا ليت أن نتعلم من هذا التصميم الهندسي المميز الذي ستجده في جميع الطائرات التجارية الغربية، فمن المؤسف أن موضوع المخارج لا يحظى بالاهتمام الكافي واللائق عمرانيا... لا في المباني الحكومية، ولا في المكاتب، ولا المدارس، ولا المستشفيات، ولا المناطق بأكملها...بل وتجد في بعض المباني أن تخزين الأثاث المكتبي القديم يتم وضعه أمام تلك المخارج...وتجد بعض شوارع الأحياء شبه مسدودة...وهناك المزيد...ففضلا انظر في عدد ونوعية التدريب على إنذار الحرائق في المباني وستجده شبه معدوم مما يضيف بعدا مخيفا لخروج البشر في حالة طوارئ لا سمح الله...وبعد كارثة الأربعاء الحزين في جدة، ظهر نوع جديد من الإخلاء وهو إخلاء مناطق بأكملها عند تعرضها لمخاطر السيول، وتحتاج هذه إلى الاستعداد وخصوصا لصغار السن، والمسنين، وفئات الاحتياج الخاصة، وتتطلب أيضا التوعية والتدريب والاستعداد...وأخيرا فيجب أن لا ننسى أن بعض البشر يستخدمون مبدأ مخارج الطوارئ استخداما دنيئا، فأثناء العدوان على غزة مثلا كانت القوات الإسرائيلية تدك المباني بالقنابل الحارقة ليخرج المدنيون الفلسطينيون العزل بسرعة، وعندئذ يتم رميهم بالرصاص، وحسبنا الله ونعم الوكيل. أمنية انتهيت منذ بضع دقائق من صلاة الجمعة، وفوجئت أن مخارج المسجد كانت مقفلة باستثناء باب واحد فقط لا غير...وتخيلت لو اضطر المصلون للخروج فجأة من باب واحد، ماذا سيكون مصيرنا؟ مما لا شك فيه أن هناك حاجة ماسة للارتقاء بالتفكير في مخارج الطوارئ بعد حدوث أية كارثة، وعلى سبيل المثال لا الحصر تحظى سلوكيات الحشود على نصيب كبير من الدراسات الذكية جدا التي تستخدم الرياضيات لمحاكاة حركة البشر والتنبؤ باتجاههم وسرعتهم وانسيابية حركتهم ...أتمنى أن لا نغفل الجوانب العلمية والسلوكية لمقولة «يا فكيك» ...والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة