إن كنت ممن مارسوا صناعة الحلوى في الصغر، فأكيد أنك من محبي (طبطاب الجنة). هذه الحلوى ذات الاسم الغريب، والشكل والطعم الجميلين كانت تبهرنا بمكوناتها البسيطة: سكر، وطحينة، ودقيق، وبعض من الهيل. ولكن نكهتها، وطعمها وشكلها لم يعكسوا بساطة مكوناتها. كانت تحتوي على ألغاز ومنها خصائصها الكيمائية، والفيزيائية. صلابتها ممكن أن تكسر أسنانك، خصوصا لو وضعت بعض المكونات في الخلطة (لتسليحها) أثناء التحضير. إضافة المكسرات أو حتى الشعرية كانت تضيف خصائص هندسية إنشائية تزيد من صلابتها لتضمن تكسير أسنان من يأكلها وتجعلها تجربة مريرة وذكرى طويلة الأمد. ولهواة العلوم فإن هذه الحلوى هي مادة (زجاجية) كغيرها من الحلوى السكرية الصلبة، أي أنها تتمتع بخصائص الزجاج الذي يتميز بأنه يبرد بشكل سريع جدا لتبقى ذراته بنفس ترتيب حالتها في وضعها السائل. يعني كأنه سائل صلب في آن واحد. وأما التكسير فهو موضوع ذو شجون، فهو من الظواهر التي لا نفكر فيها كثيرا، رغم تأثيرها على حياتنا اليومية. فكر في مكعب السكر الذي تكسره بيسر. والبيضة، والشابورة المصممة لتنكسر بسهولة بمشيئة الله. ولا تنس البسكويت. وفكر أيضا في الأشياء التي مفروض ألا تنكسر. هل لاحظت مثلا أنه من الممنوع أن تحمل الترمومتر الزئبقي أثناء الرحلات الجوية حتى لو كان بداخل أمتعتك الكبيرة؟ والسبب هو أن معدن الزئبق بداخله ممكن أن يؤثر تأثيرات خبيثة جدا على معادن الطائرة لو تسرب بسبب أو آخر من حقائبك. بكل بساطة يمكنه أن يغير من خصائص معدن جسم الطائرة حتى لو كان في مساحة تعادل حجم آخر كلمة في نهاية هذه الجملة. وبسبب احتياج تكييف الضغط بداخل مقصورة الركاب فممكن أن تتحول نقطة الزئبق الى «خبيصة مال الشام» لتغير صلابة وقوة معادن الطائرة. وعلى صعيد آخر، فنجد أن حتى أقوى المعادن وأكثرها صلابة ممكن أن يشوبها شائب ولو بكميات ضئيلة ليغير خصائصها فتنكسر بسهولة. إضافة ذرات الهيدروجين أو الكبريت ولو بمقدار (رشة) بسيطة على الحديد الصلب مثلا أثناء تسخينه على درجات حرارة عالية ممكن أن يحوله إلى حديد سهل الكسر. ويكفي إضافة حوالي 2% أو أقل قليلا للحديد من وزنه من هذه المواد لتغيير خصائصه. ومن ألطاف الله علينا أن بعض المواد تضيف إلى قوة المعادن لننعم بخصائصها، فعلى سبيل المثال نجد أن إضافة الكربون بكميات ضئيلة جدا للحديد تزيد من صلابته وقوته بشكل عجيب، وعموما فأحد أسرار الحديد (الصلب) تجدها في خلطات الإضافات المختلفة. طبعا عند بدء الكسر، نجد أن العملية تبدأ عادة بشرخ وينمو بسرعات متفاوتة تعتمد على العديد من العناصر. بعضها يتسارع بسرعة تفوق سرعة الصوت، أي ألف قدم في الثانية الواحدة، وبعضها تتحرك ببطء شديد كم هو الحال في زجاج سيارتي الكامري التي صبرت علي لأكثر من سنة. والأهم من كل هذا أن الله عز وجل قد أنعم علينا بنظام حماية ضد الكسر لأغلى أعضائنا من خلال منظومة الحماية التي توفرها جماجمنا القوية جدا، والخفيفة جدا. وتخيل أن الجمجمة الآدمية تتكون من عشرين عظمة مختلفة ممكن أن تتحرك قليلا من هنا وهناك لتوفر قوة وحماية عجيبتين. وتتوفر تلك الحركة المحدودة لعظام الجمجمة من خلال منظومة مفاصل. وبالرغم من هذه الحماية المعجزة، إلا أن العديد من البشر حول العالم يعانون كل يوم من إصابات في الرأس بسبب تعرض جماجمهم لصدمات مختلفة من هنا وهناك. أمنية بعض من قادة الدول من حولنا يعانون من (فقشات) كثيرة، وكبيرة. ويتجاهلونها وكأن ذلك التجاهل سيجعلها تختفي، أو سيخفي ألمها. العديد منهم (انفقشوا) أمام العالم بأسره، ولكنهم تصرفوا «يعني يعني» وكأن شيئا لم يكن. أتمنى أن ندرك أن الفقشة الكبرى في رؤوسنا جميعا هي الأوضاع غير المقبولة في فلسطين بشكل عام، والقدس بشكل خاص، ولكن العالم يريد أن يتجاهلها، وكأن الفأس لم يصب الرأس.. بعد. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة