الثالثة قبيل الفجر.. أسفل شاشة المجد يبرز الشريط الأصفر المشؤوم : «خبر عاجل: مساعد وزير الداخلية يتعرض لمحاولة اغتيال» تساءلت: ترى في أي ديار العرب والمسلمين؟ ثوان حتى تجدد الخبر: «الأمير محمد بن نايف ينجو من التفجير الإرهابي» يصفعني الهلع بقوه أنهض مشدوهة مذعورة، يمناي تطبقان على فمي لتحاصر صرخة أو شهقة تنفلت قهرا واحتجاجا، تنهمر الدموع على يدي، تتشتت أفكاري وتتبعثر مشاعري، تذكرت الإسلام دين الرحمة والسلام، تذكرت رمضان شهر الخير والمغفرة، تذكرت وطني موئل الحق والنور ومحضن الرسالة وأقدس البقاع، تذكرت الآيات المنزلة والأحاديث المطهرة وحرمة الأنفس وتعظيم الأمن، تذكرت أرواحا موحدة ووجوها متوضئة وجباها ساجدة «ولاة أمر، علماء، مواطنين»، تذكرت والدي وقائدي الحبيب نايف وفجيعته عند سماعه بالحادثة! شعرت بنغزات عميقة في قلبي وخفقاتي تتسارع وأنفاسي تتباعد، خشيت على نفسي وحيدة إلا من ربي، استعذت به من الشيطان وحاولت تهدئة أحاسيسي القلقة وتأملاتي الشاردة فابتهلت إلى المنعم الكريم الرحيم، وهاهي الأخبار تتوارد بسلامة الأمير وضيوفه، وسكنت لهائب الغضب والحزن ولكنها لم تنطفئ فماذا لو ؟! يا إلهي ... ماذا لو نجح ذلك المخطط الإجرامي وحقق لا قدر الله ولو بعض أهدافه؟ لماذا يدمن البغاة سقيا الأرض بالدماء وتطاير الأعضاء وتناثر الأشلاء بين كتل الإسمنت والحجر وقطع الزجاج والحديد؟ إلى متى هذا الضلال والفكر الأخرق الأهوج؟ ظننا وبعد حملتنا الطويلة المضنية للقضاء على الإرهاب والتعامل مع أصحابه وانحرافاتهم ومعالجة النتائج والأسباب أننا شارفنا على توديع تلك الحقبة المظلمة بشرورها وجروحها، وأن الأوان بات مناسبا لتركيز الجهود وشغل العقول والهمم بالتطور والتنمية وصرف الفكر والعمل إلى الإصلاح والنهضة العلمية والصناعية والاقتصادية... ولكن الحقيقة الصادمة أن الحرب لم تضع أوزارها بعد، وأن الطريق إلى الأمن والأمان ومنح الثقة وبسط الأمل لازال طويلا. أدرك الآن وأكثر من أي وقت مضى أن واجبنا تجاه ديننا ووطننا وأنفسنا يحتم علينا تراص الصفوف ونبذ الفرقة والدفاع عن وحدتنا ومكتسباتنا، وأن نعترف بصدق وشجاعة بأنه لولا تساهلنا وعدم تقديرنا لحجم الخطر وتراخينا أحيانا لما استمرت تلك الخلايا الإرهابية بالتفريخ في ديارنا، كيف يكون بيننا مكفر مفجر سفاح دون أن يلحظه أحد أو ينتبه له أب أو أخ أو قريب أو حتى معلم؟ فوالله خالقي ورازقي علام الغيوب لو أن شقيقي أحب البشر إلى قلبي مال عن المنهج الصحيح إلى فساد الفكر والمعتقد لوقفت أنا قبل غيري ضده، فروحي قبل روحه فداء لهذا الدين العظيم وهذه الأرض الحبيبة. أهنئ نفسي والجميع بسلامة أميرنا والحمد والشكر لله حمدا وشكرا يليق بجلاله وعظيم سلطانه. ريم سعيد آل عاطف