منسيون.. ينهك التعب والنعاس أجسادهم، يتغلبون على الجوع والعطش، لكنهم سعداء بعملهم وشعارهم في ذلك «يهون كل شيء من أجل كسب لقمة العيش» يتعرضون لأخطار الطريق في كل لحظة.. يكتبون وصيتهم كل يوم ويصومون رمضان رغم تلك الظروف.. إنهم سائقو حافلات النقل الجماعي. «عكاظ» التقت بعدد من السائقين في إحدى محطات الشركة في محافظة خميس مشيط، تحدثوا خلالها عن طريقة إفطارهم وتحملهم لمشقة الصوم في رمضان رغم حرارة الشمس الحارقة التي تلهف وجوههم، وكذلك بُعد المسافات التي يقطعونها بحافلاتهم في نقل الركاب والمسافرين بين المدن المختلفة. ويقول محمود ياسين (مصري، 37 عاما، سائق حافلة): نشعر بالتعب في نهار رمضان فلا يأتي وقت الإفطار إلا وقد وصل العطش والجوع والتعب أقصى حدوده، وطبيعة عملنا تفرض تميزنا عن غيرنا من المسلمين الذين يصومون رمضان في بيوتهم وبين أسرهم ولا يتعرضون للتعب، أما أنا فلا أستطيع أن أصوم وأفطر مع أطفالي وعائلتي لأن مجال عملي يجبرني على تركهم والذهاب للبحث عن لقمة العيش لنفسي وأطفالي. ويضيف: الشركة تجبرنا دائما على مواصلة الرحلات حتى في نهار رمضان، وأنا لا أستطيع أن اترك الصيام وأفطر في شهر رمضان، خصوصا أن ظروف عملي تجبرني على السفر وقيادة الحافلة والتنقل بين مدن المملكة المختلفة، وبالنسبة إلى وجبة فطوري فهي عبارة عن بضع تمرات مع ماء فقط وأتناولها وأنا أقود حافلتي. أما معتز عزاز (مصري، 42 عاما) فيقول: أقوم في كل يوم بوداع أسرتي وأطفالي وأقوم بكتابة وصية واضعها في إحدى الحقائب داخل غرفتي، لأنني لا أضمن عودتي إليهم من جديد لخطورة العمل الذي أزاوله، لأننا نقوم بقيادة حافلات نقل الركاب في كل مكان ونواجه كل يوم الأخطار على الطرقات، وكنت أتمنى لو أستطيع الصوم ولو ليوم واحد فقط مع أسرتي وأطفالي؛ فطعم الإفطار وأنت بجانب أسرتك مختلف تماما عن إفطارك في الطرقات السريعة. ويتابع: نحن مقتنعون بما أعطانا الله وبما كتبه لنا، والحمد لله على كل حال، أما بخصوص إفطارنا نفطر على الطريق ولدينا في الحافلة ماء وتمر، فعندما نشعر بدخول وقت الإفطار نشرب قليلا من الماء ونأكل بعض التمرات، ونواصل سيرنا على الطريق حتى نصل إلى إحدى المحطات ومن ثم نقوم بتناول العشاء ويتكون في الغالب من رز مع الدجاج.. من جهته، يقول صديق احمد (سوداني،47 عاما): نحن نعرف أن مكانة الصيام والإفطار مع الأسرة، لكن طلب الرزق يجعلنا نترك أسرتنا محتسبين على الله الأجر، فكل إنسان يذهب لطلب رزقه أجره على الله، أما من ناحية طريقة إفطارنا فنحن نتوقف أحيانا عند بعض المحطات لقضاء فترة استراحة لمدة نصف ساعة قبل أن نواصل سفرنا، وهناك اجتمع مع عدد من الأصدقاء الذين هم من المهنة نفسها، نتناول خلالها الإفطار سويا هو عبارة عن تمر وماء وسمبوسة وقهوة نحضرها من أحد المطاعم في المحطة، وهذه اللمة في الإفطار تشعرنا بالراحة والاطمئنان ولو قليلا.