في حين أكدت وزارة التربية والتعليم أن لا تأجيل لموعد الدراسة.. مطمئنة الجميع يستغرب المراقبون تأخر صدور نتائج التنسيق عالي المستوى الذي أعلنت عنه مع وزارة الصحة، خصوصا أن الدراسة شارفت على البدء. ويرى المراقبون أن أي برنامج أو خطة تحتاج إلى وقت كاف لتطبيقها سواء كان بتدريب معلمين أو غير ذلك من إجراءات تنفيذية احترازية كالتدخل السريع لمنع وقوع مزيد من الإصابات بانفلونزا الخنازير. أقر اجتماع وزيري التربية والتعليم والصحة يوم الثلاثاء قبل الماضي عددا من القرارات التنفيذية وجرى توقيع مذكرة تفاهم بين الوزارتين بهدف تعزيز الصحة والحد من انتشار الأمراض المعدية وغير المعدية وتشجيع الأنماط والسلوكيات الحياتية الصحية في المدارس، شملت القرارات تزويد وزارة التربية والتعليم بالمواد التدريبية والتوعوية بوباء انفلونزا الخنازير والمشاركة في تدريب الكوادر الصحية في الصحة المدرسية على الاكتشاف المبكر للمرض والترصد الوبائي وطرق الإبلاغ ومكافحة العدوى، والمشاركة في برامج التوعية بوباء انفلونزا الخنازير للكوادر التربوية والطلاب في المدارس، إضافة إلى تزويدها بالمواصفات الفنية لأجهزة قياس درجة الحرارة ومعقمات ومطهرات الأيدي إلى جانب خطط توعوية وإرشادية. ويرى الدكتور علي دقاق أستاذ الاقتصاد البيئي أن وجود إدارة الأزمات أصبح مطلبا من خلال تعاقب الأزمات على العالم بلا استثناء، ويأتي دور تلك الإدارة في التنبؤ ووضع الخطط والبرامج والإشراف على تنفيذها بما يضمن نجاح احتوائها والحد من مخاطرها. وأضاف: والحد من المخاطر من أهم الأهداف الرئيسية لنجاح أي خطة إضافة للأهداف الأخرى ولا يكون ذلك إلا بوجود تلك الإدارة المركزية الدائمة التي تولي الدراسات أهمية كبيرة تساعد في فهم طبيعة أي أزمة محتملة ووضع حلول مسبقة لها. وانتقد دقاق قلة مراكز الأبحاث التي تمد الجهات المعنية بالمعلومات اللازمة. وقال: حاليا لا توجد إلا جهات قليلة جدا تقوم بذلك الدور، ومن المفترض الاهتمام أكثر في عالم يعتمد على المعلومة بهذا الجانب. وشدد على أهمية الاهتمام ودعم مكاتب الدراسات وتنسيق جهودها عن طريق الإدارة المركزية للكوارث والأزمات التي ترى بعين أكثر شمولية الاحتياجات والتوجهات والظواهر الطبيعية والتي من صنع الإنسان. وأضاف الدكتور علي حول رؤيته للأزمات المتتالية خلال الأعوام الماضية أن جهود الدولة من خلال الجهات المختصة وتدخلها سريع وبشكل فاعل ولكن كان واضحا الفردية في التعامل معها أو كما نرى ذلك، فالواضح أن كل جهة مسؤولة عن الحدث تعمل بما تراه مناسبا ثم تنسق مع الجهات الأخرى وهذا من الأخطاء الشائعة في إدارة الأزمات، ولكن بوجود المنسق العام أو ما نسميه الإدارة المركزية يمكن تحديد الإدارات المسؤولة من البداية وتكليفها بالجانب الخاص بها وليس كما يتم الآن من تباطؤ في التكليف، ومن ثم الاستجابة مقارنة مع العمل المنظم مسبقا. ودلل على ذلك بترك الاجتهادات للإعلام وغياب المعلومات من مصادرها إلا بعد فترة من الزمن تنتشر فيها الإشاعات يعين بعدها متحدث رسمي أو تصدر بيانات رسمية أو برامج توعوية في الإعلام.. مستشهدا بأزمة انفلونزا الخنازير التي لم نر إعلانات التوعية إلا قبل فترة قريبة، وكذلك أزمة العيص التي تركت اجتهادات لجيولوجيين لتحديد قوة الهزات قبل أن توزع هيئة المساحة بيانا رسميا صادرا من جهة مختصة. وأضاف أن هذه الملاحظات ليست من باب الانتقاد بقدر ما هي نوع من الوصول لحلول مدروسة مسبقة، وإلا فهيئة المساحة الجيولوجية كان تعاملها مع الحدث بشكل جيد. وقال دقاق: إن عنصر المفاجأة دون وجود أي خطط مسبقة وتوقع لأزمات مشابهة يسبب بطبيعة الحال نوع من الارتباك، وكما يقول الخبراء: الأحداث السيئة تأتي فجأة.. والأحداث الطيبة تأتي بالتدريج، فهذا يجعل من توقعها أو الاستعداد لها أمر غاية في الأهمية، كما إن النتائج بعد الأزمة ومحاولة الاستفادة منها بشكل صحيح ليست بالشكل المأمول. وقال دقاق تغييب المجتمع عن القيام بدوره الطبيعي أمر يحتاج لاعادة نظر بالاستعانة به وإشراكه لأن أي مشكلة لا تحل إلا بالمشاركة الجماعية كما يقول إضافة إلى أن المجتمع لديه جانب حب التطوع وخدمة الآخرين، وهذه يجب أن تستثمر بشكل سليم لأسباب نفسية واجتماعية واقتصادية أيضا. من جانبه أكد سعود كابلي أن وباء انفلونزا الخنازير كشفت عن ضعف التنسيق الذي أرجعه إلى عدم وجود جهة ترى من الأعلى على حد تعبيره مهمتها النظر بأكثر شمولية للأزمات. وقال كابلي إننا نحتاج إلى نظام إنذار مبكر والأهم يكون ذا فعالية يتابع ويرصد ويجمع التقارير ويتخذ القرار ويوزع المهمات، وليس فقط من يحذر بالخطر. وأضاف كابلي: لدينا عجز في المنظومة المتكاملة فلدينا المكونات وينقصنا تجميعها بطريقة علمية صحيحة تساعدنا في اتخاذ القرارات السريعة. وشبه كابلي دور الإدارة التي من المفترض أن تمارس التنسيق بالوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث إن هذه الإدارة التابعة لوكالة الأمن القومي هي الجهة الحكومية المسؤولة في الولاياتالمتحدة عن إدارة الأزمات. كابلي استغرب الفردية التي تتم بها إدارة أزمة انفلونزا الخنازير والتي بدأت ببطء في التعامل مع موسم المدارس الذي قارب دخوله ولم نسمع عن أي استعدادات على أرض الواقع لتدريب المدرسين أو غيرها من الاستعدادات التنفيذية لمواجهة الأزمة التي اعتبرها أهم وأعمق وأخطر من موسم الحج. وأكد أن تصريحات وزارة الصحة تثير الكثير من التساؤلات حول مدى قدرتها على إدارة الأزمة بشكل صحيح، وكان كابلي طرح في مقال له حول أزمة انفلونزا الخنازير عدة أسئلة أبرزها السؤال عن الجهة التنفيذية التي يجب أن تخول لها الإدارة العليا الأزمة في حال وقوعها المسؤولة عن التنسيق لإدارة الأزمة وتوفير الحلول، إضافة إلى منظومة اتخاذ القرار وتداخل الصلاحيات والمسؤوليات للجهات المسؤولة عن أي أزمة، إضافة لدور الإدارة التنفيذية في توفير الخطط البديلة وإشراك مؤسسات المجتمع المدني وجهات أخرى في حال تفاقم الأزمة، وتوزيع أدوار الجهات ذات العلاقة في اتخاذ القرار السريع، إضافة إلى جاهزية القطاعات والبنية التحتية المعلوماتية والتأكد من المعلومات التي تساعد على التنبؤ أو الحد من الأزمة.