يعمل الإنسان الناجح وفقا لمؤشرات ساعته البيولوجية، فهو الذي يعتمد التنظيم أساسا صلبا في حياته ساعات النوم أو العمل والراحة. ويختلف الحال في شهر رمضان، فهناك من يشكو من الصداع والبعض الآخر من التوتر، وتختلف أسباب ذلك باختلاف المسببات وأهمها القهوة والتدخين واختلاف ساعات النوم، إلا أن خبراء الصحة العامة يشيرون إلى أن المحافظة على آلية عمل الساعة البيولوجية التي تضبط العمليات الداخلية في الجسم (حتى لو كان ذلك في شهر رمضان) تمنع حدوث الاضطرابات المختلفة التي تنعكس سلبا على الصحة، وتؤدي لاضطرابات عديدة أثناء الليل والنهار، ولهذا تؤثر على الجسم والذهن وتجعل المرء عاجزا عن اتخاذ القرار الصائب وعن القيام بعمله بالشكل الصحيح، وكل هذه المؤشرات مؤقتة وتتلاشى بعد ضبط الساعة البيولوجية بما يتفق مع روحانية الشهر ويحقق التوازن المفقود المطلوب لدى الإنسان. والساعة البيولوجية كما يعرفها علماء الكرونوبيولوجيا هي التي تتولى توجيه الإيقاع الدوري الزمني بشكل ثابت ومنسق، وتوجد هذه الساعة في نواة فوق التصالبية في الدماغ وفي بعض الخلايا والأنسجة الأخرى، تقود الساعة بعض الجينات لتؤدي دورها، وهي تتأثر بدورة الظلام والضوء، فتنخفض في الضوء الساطع، وتزداد في الظلام، لذا يخطئ من يعتقد أنه يعوض إرهاق سهرة طويلة إذا نام في اليوم التالي عدد ساعات أكثر، فالعبرة ليست بأن ننام عددا وافرا من الساعات لنستعيد نشاطنا، بل المهم أن ننام في أوقات محددة ثابتة. ومن هذا المنطلق نستنتج أهمية الالتزام باتباع السنة النبوية في رمضان في الاستيقاظ لتناول وجبة السحور، وصلاة الصبح، وإعطاء الجسم كفايته من النوم والراحة. ومن المشاهد المؤسفة في رمضان أن يقضي البعض جل وقته في مشاهدة ومتابعة الفضائيات أو السهر بعد السحور، ويقضي ساعات العبادة في النوم إلى أن يحين آذان المغرب، ومن السلوكيات الخاطئة أيضا النوم والتكاسل والشعور بالخمول أثناء العمل مما ينعكس أثر ذلك على إنتاجية الفرد في تقديم الخدمات عبر الجهة التي يمثلها. * مدير إدارة حماية البيئة الأسبق في الأرصاد وحماية البيئة