تشير المعلومة العلمية إلى أن كل واحد منا يمضي ما يعادل ثلث عمره في النوم تقريبا، والذي يشكل بالطبع أساس حياة الإنسان فدون راحة الجسد والأعصاب والعضلات لا يستطيع أي فرد منا أن يعمل أو يتحرك أو يمشي أو يقود سيارته. وفي ما مضى كان النوم لغزا محيرا للعلماء، أما اليوم فقد تجلت جوانب عديدة من هذا اللغز، إذ استطاع العلماء تفسير العديد من الاضطرابات المتعلقة بالنوم. وبشكل أساس فإن جسدنا يعمل طيلة ال24 ساعة وفق نظام معين وهو يتعلق بارتفاع درجة حرارة الجسم أو انخفاضه ومستوى الهرمونات المختلفة في الجسم، إضافة إلى عوامل بيولوجية أخرى تتأثر بتعرضنا للشمس وتحديد متى ننام ومتى نستيقظ. وكل منا يتعرض في حياته إلى اضطرابات النوم، وقد يكون عارضا مؤقتا وليس مرضا يستوجب العلاج، فالعارض المؤقت دافعه الساعة البيولوجية المسؤولة عن تنظيم العمليات الفيزيولوجية في الجسم حين التعرض للتغيرات الموسمية بسبب تبدل الفصول وتغير التوقيت وحين الانتقال من مكان لآخر، وهي تتعلق بالظروف المحيطة بالإنسان وحالته العامة أيضا، وتؤثر بذلك على المزاج وسلوك الإنسان عند تعرضها للاضطراب الناجم عن اختلاف التوقيت عند السفر من بلد لآخر، ومثل هذا الاضطراب يعاني منه كثيرا الأطباء والطيارون ومن تضطره أعماله للسفر والترحال كثيرا بين مختلف البلدان. اما الاضطراب الذي يستوجب العلاج، فيتم تشخيص حالة المريض ودراستها من كل الجوانب، ومن ثم البدء في جلسات العلاج التي تتوقف نتائجها على مدى استجابة المريض للعلاج. ومن السلوكيات الخاطئة توجه بعض الأشخاص الذين يعانون من تقلبات الساعة البيولوجية إلى استخدام المهدئات حتى يتمكنوا من النوم، وهذا السلوك محفوف بالمخاطر وخصوصا لو اعتاد الشخص على هذه الأدوية وبالتالي، فإن الأعصاب لن تستجيب لتغيرات الساعة البيولوجية الإ بتناول المهدئات. وأخيرا، النوم الصحي هو أن يأخذ الجسد كفايته من الراحة، وأن يعمل هرمون الميلاتونين كما ينبغي، وخير نصيحة الابتعاد عن السهر وخصوصا في هذا الشهر الذي تنقلب فيه الساعة البيولوجية رأسا على عقب.