عائلة سعودية تتعرض لحادث مروري مروع في الصين!؟ ونحن لا نلوم الضحية، وهل يعقل أن نسأل المجني عليها بأي ذنب قتلت؟!! من الوارد جدا أن يقع حادث لأي فرد في أي وقت.. لكننا يجب أن نقر أنها ثقافة السلامة المفقودة في ثقافتنا وعدم إيماننا بشروطها وأخذ الحيطة والحذر في تفاصيلنا الحياتية. سئمنا مشاهد الوداع والتي آخرها كان للحبيبة فاطمة الصعب، الفتاة البريئة التي غرقت بالأمس القريب، والتي من المؤكد أنها لم تذهب ضحية جهلها بالسباحة، بل هو الإهمال والتقصير.. ذلك العامل المشترك بين كافة مشاهدنا السوداء في وطننا الحبيب.. إنه الإهمال وعدم تقديرنا للأمور لا نريد أن نموت غرقا ونحن نتنزه على شواطئنا في أمان الله، لتقيد الحادثة بكل برود، باسم القضاء والقدر وفي سجلات النصيب وما شاء الله فعل، إلى باقي الاسطوانة المعروفة.. كما هي عادتنا. ولا نريد أن ترجف قلوبنا ونحن على متن طائراتنا، كلما تنامى إلى مسامعنا صوت نشاز يصدر من أجنحتها، لتهتز الأرض تحت أقدامنا وترتعد أفئدتنا في هلع.. في حين أنها ليست سوى هواجس ولدت فينا وكبرت وأصبحت جبالا شاهقات، بسبب ثقتنا المهتزة في خدماتنا الجوية المتردية!؟ ولا نريد أن نودع كل من خرج من باب الدار، داعين المولى عز وجل أن يرده سالما إلينا في بلد أصبحت فيه نسبة الوفيات والضحايا جراء حوادث السيارات تضاهي أرقاما في دولٍ أخرى جراء حروب عسكرية طاحنة. القضية ليست قضية فتاة قضت نحبها غرقا، والتي من الوارد جدا أن تموت في أي بقعة من العالم، لكن السؤال الأهم من المسؤول عن حالة الهلع التي نعيشها جراء مرافقنا المتهالكة، وشروط السلامة المتأخرة، من الملام عن بيئتنا التي لا تتطور متناسبة مع صورة الوطن ومكانته التي تكبر واسمه الذي يعلو؟ من المسؤول عن تلك النغمة النشاز، أن نشير بأصابع الاتهام للوزارات والأجهزة المعنية بكافة تخصصاتها والتي تحمل هذه المشاهد بصمات تقصيرها ليس بجديد، فمن المفترض أن يكون لها الدور الأكبر في عملية الإصلاح، حيث يقر ذلك المنطق بلا أدنى شك، لكن زاوية أخرى يجب أن نقرأها بتأمل، والتي تحمل علامات تقصير مريعة، تلك التي أتت من خلال كلمات حزينة لأحد منسوبي الدفاع المدني الذي كان يحكي بحرقة، عل تأوهاته تصل لكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، يتحدث الرجل ذاكرا مماطلات بعض التجار وأصحاب الأملاك في تطبيق المواصفات التي أقرتها الهيئة في كافة المشاريع الجديدة، سواء كانت سكنية أو تجارية وذلك من باب التوفير ونظرية «مشي حالك الشهيرة»، وقبلها «كله بأمر الله»، و «كله نصيب». تحدث الرجل عن فن التلاعب للهروب من قائمة الأجهزة المطلوبة أو المماطلة في تنفيذ ما تطالب به إدارة الدفاع المدني.. وأحيانا الجري يمينا ويسارا من أجل خطاب موقع من فلان الفلاني بغرض الحصول على استثناء يجعل الرجل يفر من شروط السلامة فرا. هذا ناهيك عن الرشاوى التي قد تصل لقيمة الأجهزة المطلوبة أو قيمة التعديل الهندسي في مبانينا حتى تتناسب مع متطلبات السلامة الأساسية! ماذا نسمي هذا المشهد المأساوي؟ أين شعورنا بالخطر؟ أين هو استشعارنا لقيمة الأمانة وأهمية الحفاظ على أرواح البشر المعلقة برقابنا؟ أين تقع السلامة في قائمة أولوياتنا؟. الحقيقة أننا شركاء في الجريمة، نحن نتحمل ذنب فاطمة ودموع ذويها، نحن نشاطر المقصرين تقصيرهم، نحن من تسبب في فجيعة أم مسكينة وأب ربما لم يدخر غيرها للسنين الباقيات!. روحها البريئة ضحية ثقافتنا العقيمة، إن أردنا حقا أن نوقف أفواج الأرواح البريئة المهدرة، يجب أن نزرع قيما هامة في حياتنا وفي عقول أبنائنا. يجب أن نطرد مفهوم الإهمال من عقولنا وقلوبنا وأعمالنا، علنا نشهد ولادة ثقافة مجتمع تفر بقدسية الأرواح ووجوب الحفاظ عليها. نعم إنها ثقافة السلامة المفقودة، وضياع الأمانة قبل كل شيء، والتي نشترك فيها حكومات وشعوب. وللحديث بقية.