اغرورقت عيناي خلال متابعتي للقاء التلفزيوني للطفلة «رزان النجار» والتي قدّر لها أن تكون إحدى طالبات مدرسة براعم الوطن المنكوبة بجدة بعد أن ألقت بنفسها من الدور الثالث هربًا من جحيم ألسنة النيران الذي شبّ بالمدرسة مطلع الأسبوع الحالي والذي راح ضحيته معلمتان وجُرِح قرابة ال (50) طفلة بعضهم في حالة حرجة. تناقلت صحفنا المحلية صورًا مؤثرة من موقع الحادث توضح كيف انطفأت البسمة والبهجة المرسومة على وجوهٍ بريئة لبنات في عمر الزهور وعيونٍ يحبوها الأمل تحولت في دقائق إلى نظرات يشوبها الخوف والهلع ويأس من النجاة وأمل الهروب إلى الحياة. كل هذا يقف وراءه الإهمال، وقد يكون الفساد، وسوء التخطيط لمواجهة تلك الكوارث. هل يعقل أن يتسبب الإهمال في تَحوّل مدينة جدة إلى مقبرة للشهداء؟! فمن لم يصبه الموت غرقًا تحت مياه سيول جدة فلا يقلق فقد يُدركه الموت محروقًا في إحدى مدارسها!! أحد المقاطع التي تداولها المواطنون في موقع الفيس بوك البارحة صوّرت من قبل إحدى السيدات التي كانت تنتظر في عربتها توضح أن الحريق بدأ في الانتشار وبدأ الأطفال والسيدات يلقون بأنفسهم من النوافذ بعد كسرها ولا وجود لعربات الدفاع المدني في الموقع، ولو تواجد رجال الدفاع المدني وقت الحادث لكانت الفاجعة أقل بكثير عما كانت عليه، الأمر الذي يشير إلى ضرورة إعادة النظر في زيادة وحداتها في العديد من المناطق في ظل زيادة الرقعة السكانية في مدينة جدة وازدحامها وكذلك تطوير عملها بالتدريب المستمر. لقد كُتب كثيرًا عن حجم المأساة التي عايشها براعم هذه المدرسة ولكن يجب علينا الوقوف على الأسباب الحقيقية لتلك الفاجعة ومن أهمها إلغاء كافة العوائق الهندسية التي تؤدي إلى مثل هذه الكوارث. فهل من المنطق أن تثبت الأقفاص الحديدية على نوافذ بالطوابق العليا والتي حالت دون إنقاذ هؤلاء الأطفال؟ وهل يعقل أن مدرسة تضم أكثر من 750 طالبة لا يوجد بها إلا مخرج طوارئ واحد فقط والطريف أنه لا يعمل؟! همسة: الكوارث التي باتت تتعرض لها مدارس البنات في ازدياد مستمر حيث سجلت خلال العشرة أعوام الماضية (40) حادثة زهقت بسببها أرواح بريئة. معلمتان ماتتا من جراء هذه الحادثة بعد أن أبيا الخروج من النوافذ إلا بعد إنقاذ فلذات أكبادنا. اللهم ارحمهما وأدخلهما فسيح جناتك وألهم أهلهما وذويهما الصبر على مصابهم. و(إنا لله وإنا إليه راجعون).