يقول صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار المنعقد في الأسبوع الماضي في الرياض: «أقولها للتاريخ.. السعودية هي الدولة الوحيدة التي شهدت تغيرات وتطورات بهذه الفترة الوجيزة.. السعودية لا تعرف كلمة مستحيل». وسأناقش على عُجالة في هذه المقالة طبيعة الإمكان والاستحالة فلسفياً وربما فكرياً. في عالم الفلسفة والميتافيزيقا يُطرح سؤال قديم حول طبيعة الإمكان والاستحالة. هل يمكن للممكن أن يصبح مستحيلاً؟! أو للمستحيل أن يصبح ممكناً؟! هذا السؤال ليس مجرد تفكير مجرد، بل يغوص في أعماق فهمنا لما قد لا يُفهم. الممكن، في الفلسفة هو ما يمكن أن يحدث أو لا يحدث. هذا المفهوم يرتبط بالحرية الإنسانية، الفرص، والاحتمالات. لكن هل يمكن للممكن أن يصبح مستحيلاً؟! يمكننا أن نفكر في هذا السؤال من خلال الأحداث التاريخية، وعلى سبيل المثال كان من الممكن أن تكون هناك حضارة ما على كوكب آخر، لكن إذا لم تنشأ هذه الحضارة بالفعل فإنها أصبحت مستحيلة بالنسبة للواقع الحالي. بهذا المعنى، الممكن يصبح مستحيلاً عندما يتحول الوقت إلى ماضٍ غير قابل للتغيير. أما المستحيل فهو ما يبدو خارج نطاق القدرة أو التصور. ومع ذلك، تاريخ العلم والفلسفة مليء بالأمثلة؛ حيث أصبح المستحيل ممكناً. كان الطيران في الفضاء مستحيلاً حتى أثبتت البشرية عكس ذلك. هنا، نجد أن المستحيل يمكن أن يصبح ممكناً عند تغيير الظروف أو توسيع الفهم أو القدرات البشرية. تلتقي الفلسفة والعلم في هذا المجال بطرق تثير الفضول. العلم يدفع حدود الممكن باستمرار، جاعلاً المستحيل ممكناً من خلال الابتكار والتجربة. بينما الفلسفة تسأل عن الجوهر والمعنى من هذه التحولات. هل هناك حدود فعلية للممكن؟! وهل يمكن للعقل البشري أن يتجاوز الاستحالة بالتفكير وحده؟! «استحالة الممكن وإمكانية المستحيل» ليست مجرد مفارقة فلسفية، بل هي دعوة لاستكشاف حدود الوجود والمعرفة. تظهر لنا أن ما نعتبره ممكناً أو مستحيلاً قد يكون مجرد عتبة لاكتشافات جديدة. هذا الفكر يشجعنا على تحدي الحتميات، ودفع الحدود، وربما على إعادة تعريف ما يعنيه أن نكون واعين ومبدعين في عالم مليء بالاحتمالات. هكذا، تظل الفلسفة والعلم في حوار دائم، يكشفان لنا أن المستحيل قد يكون ممكناً، والممكن قد يصبح مستحيلاً، حسبما نتغير نحن ويتغير فهمنا للكون.