قادني خبر إطلاق جامعة الملك فيصل لمبادرة «الاستدامة الأدبية» ضمن فعاليات ملتقى «الشعر العربي في عيون الشعراء والنقاد» والذي نظمته احتفاءً بعام الشعر العربي 2023، والتي أراها الأولى من نوعها على المستوى المحلي؛ إلى فكرة تأسيس مشروع ثقافي يستهدف «الاستدامة الأدبية الوطنية»، بحيث تكون مبادرة جامعة الملك فيصل مشروعاً ثقافياً على المستوى الوطني؛ حيث إن مبادرة جامعة الملك فيصل تهدف إلى الكشف عن المواهب الواعدة في مجال كتابة المحتوى الإبداعي الأدبي، والعمل على تعهدها، وصقلها، كما تسهم في تعزيز المشاركات والمنافسات، وتحفيز الإنتاج الأدبي، والدراسات العلمية النقدية لرصد الحراك الأدبي بفنونه المتعددة. وهذه الخطوة المباركة من الجامعة هي في الأصل تهدف إلى الممارسات والجهود والحفاظ على الأدب والثقافة على مر الأجيال وضمان استمرارها وتطورها في المستقبل؛ حيث تعد الاستدامة الأدبية جزءا من المفهوم الأوسع للاستدامة الثقافية، التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي والأدبي وتعزيزه وهذا ما نحتاجه الآن على رغم وجوده ولكنها تظل اجتهادات متفرقة هنا وهناك. لذلك في رأيي من الضرورة أن تبادر وزارة الثقافة بمساندة من الجامعات لتأسيس إستراتيجية خاصة تعتني بالاستدامة الأدبية وتتضمن عدة جوانب، منها الحفاظ على الأعمال الأدبية السعودية من الكتب والروايات والشعر والمسرحيات وغيرها من الأعمال الأدبية القيمة وذلك من خلال توفير الحماية للمكتبات والمتاحف والمراكز الثقافية، وتشجيع النشر والتوزيع للأعمال الأدبية المهمة. أيضاً دعم الكتّاب والشعراء وأهل الأدب وتشجيعهم على مواصلة إبداعهم من خلال توفير بيئة داعمة للكتابة والإبداع، وتوفير المنح والمسابقات الأدبية، وتشجيع النشر والترويج لأعمالهم، كذلك تعزيز القراءة والتعليم الأدبي؛ حيث يعتبر القراء المهمة الأساسية للحفاظ على الأدب وذلك من خلال تبني برامج تعليمية وورش عمل لتعليم الأدب وتنمية مهارات القراءة والكتابة، وتوفير الكتب والمواد الأدبية السعودية الإثرائية في المدارس والمكتبات العامة بشكل أوسع. ومن المهم أيضاً التشجيع على الترجمة، من خلال ترجمة الأعمال الأدبية السعودية إلى اللغات كافة؛ حيث يتسنى للقرّاء في مختلف الثقافات واللغات الاستمتاع بالأدب السعودي والتعرف عليه والبحث والدراسة فيه؛ وهذا يضمن استدامته وانتشاره؛ لذا يجب علينا تشجيع ودعم عمليات الترجمة وتوفير الموارد لترجمة الأعمال الأدبية الهامة وهذا الأمر يأخذ إلى ضرورة التوسع في توفير الكتب الإلكترونية الأدبية السعودية والنشر الرقمي. ختاماً.. من المهم أن نشجع وندعم الجهود التي تهدف إلى الاستدامة الأدبية، سواء من خلال السياسات الثقافية والتعليمية، أو من خلال دعم الكتاب والمبدعين، وتعزيز القراءة والوصول إلى الأدب، واستخدام التكنولوجيا لتعزيز الوصول والتفاعل الأدبي وكل ذلك ينبغي أن يكون تحت مظلة إستراتيجية وطنية تختص بالاستدامة الأدبية على الرغم من أن مفهوم الاستدامة الأدبية لم يتلقَ الاهتمام نفسه والتركيز الذي حظيت به مفاهيم الاستدامة البيئية والاقتصادية وأيضاً يعد جزءاً مهماً للحفاظ على موروثنا الثقافي وهويتنا الوطنية السعودية.