في إطار تحضير إسرائيل للرد على عملية «طوفان الأقصى»، التي شنها الفلسطينيون على إسرائيل، يوم 7/10/2023م، قال وزير الحرب الصهيوني «يواف غالانت»: «إن الهجوم الإسرائيلي على غزة سيشمل عمليات برية، وسط قصف متواصل للجيش على القطاع». وقال: «ما كان في غزة لن يكون موجوداً بعد الآن... لقد فرضنا حصاراً شاملاً على غزة... نحن نحارب حيوانات بشرية. ونتصرف وفقاً لذلك»..! لقد برهن هذا الوزير (الأوكراني) الذي كان من الأولى له أن يعود الى كييف، للدفاع عن بلده هناك، لا احتلال أرض شعب آخر، والتنكيل به إن قاوم الاحتلال، برهن، بما قاله وفعله في غزة، على أن الصهاينة هم الأكثر إجراماً، ووحشية، وأن نصيبهم من «الإنسانية»، كان -وما زال- صفراً. فما يفتأ جيشهم العدواني الذي يقوده، يقتل ويدمر المدنيين، من وقت لآخر، ويسفك دماء الأبرياء، ويترك مئات الجرحى والمصابين (وبعضهم لحد الإعاقة)، ويهدم البيوت، ويدمر المنشآت والمستشفيات، والطرقات، بل ويقتلع الزرع، ويجرف الأرض التي يقتات منها الفلسطينيون، هدفه الأساس هو: تهجير وإبادة الشعب الفلسطيني بخاصة، وتدمير كل مقومات حياته؛ كي يتفرغ لتنفيذ بقية مخططه؛ فالفلسطينيون هم العائق الأول أمام المخطط الصهيوني الإرهابي. ويقتل -بدم بارد- النساء والأطفال والشيوخ، بطائراته وصواريخه، وعلى مرأى ومسمع من العالم الغربي، الذي يشارك -بصمته- في هذه الجريمة النكراء. فهناك قوى دولية معروفة، تحمى هذا الكيان، وتؤيد جرائمه، وتزوده بالأسلحة التي يعربد بها في المنطقة، ويعيث فيها قتلاً، وتآمراً، وتدميراً. إن منظر هذا الجيش العدواني (بعناصره القادمة من شتى بقاع البسيطة، لتغتصب ما تبقى من فلسطين، من أهلها الأصليين) على شاشات التلفاز، وهو ينكل (بهمجية وحقد غريبين) بالفلسطينيين، ويقتل منهم من يقتل، يثير أقسي مشاعر الغضب والغبن، لدى المشاهدين العرب والمسلمين، بل ولدى كل الأسوياء من البشر. أما الحاقدون، فيرون في ذلك بطولة، و«دفاعاً عن النفس»! ويتلازم مع مشاعر الحزن والألم والاستياء، تزايد الكراهية ضد الصهيونية (وأعوانها) وتعميق الرفض لها ولكيانها المصطنع، وأيضاً تصاعد الرغبة الجامحة في الانتقام، متى حانت الفرصة، وسوف تحين عاجلاً أو آجلاً. **** لقد برهن الصهاينة أن الحقد الأسود يملأ نفوسهم، والإجرام البشع يغلب على ضمائرهم. فماذا يمكن أن نقول عن «أناس» يتلذذون بقتل الأبرياء، ويغتبطون بقتل النساء والأطفال، وهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها؟! لهذا، فإن احتلالهم هو الأسوأ، وتنكيلهم هو الأقسى. والكيان الذي أقاموه يمارس الاحتلال الاستيطاني الوحيد الباقي في عالم اليوم، والذي يصر على ممارسة إرهاب الدولة، على مدار الساعة. ولقد «كسبت» إسرائيل (بأفعالها واعتداءاتها اليومية المتكررة) وبجدارة، عداء وكراهية الغالبية العظمى من العرب والمسلمين، المحيطين بها إحاطة السوار بالمعصم في مستطيل يمتد من المحيط إلى الخليج، ويتسع ليمتد من السنغال إلى إندونيسيا. بل ونالت كراهية وامتعاض كل إنسان سوي، يعرف حقيقة هذا المحتل، وحقيقة إجرامه، ورفضه المتكرر لكل مبادرات السلام المقبول. ومن ذلك: غالبية شعوب بعض الدول الغربية. وهذه الكراهية سببها الصلف والعدوان الإسرائيلي، قبل أي أسباب أخرى. ويبدو أن معظم الأجيال العربية والإسلامية ستتوارثها، جيلا بعد جيل طالما استمر هذا العدوان الصهيوني الصارخ. لقد زرعت إسرائيل -بسلوكياتها النكراء، وسياساتها البغيضة- العداء لها، وعمقت الكراهية لكيانها الذي إقامته -عنوة- في فلسطين، ولن تنفعها تحالفاتها الاستعمارية المشبوهة. فأين ستذهب من طوفان الأقصى، وطوفان الغضب العربي والإسلامي، الذي يترصد بها لا محالة، طال الزمان أم قصر؟ حتى كفيلها، وراعي عدوانها، الغرب المتنفذ، لم ولن يسلم من هذه الكراهية -كما هو معروف- وذلك الطوفان (وإن كان وما زال راكداً حتى الآن) والذي يتجسد في غبن عربي وإسلامي دفين، ينتظر لحظة الانفجار، في أي وقت مواتٍ؛ لينسف الحلم الصهيوني المسعور من جذوره. فهل هذا ما يريده الصهاينة، وأنصارهم؟! وأغلب الظن أن كل «عناصر» القوة الموجودة بحوزة إسرائيل الآن، وفى مقدمتها: الدعم الأمريكي والغربي المطلق، والسلاح الذري، والبنية الصناعية والتقنية المتقدمة بفلسطينالمحتلة... إلخ، لن «تكفل» القبول الحقيقي بإسرائيل، في الوسط العربي والإسلامي، طالما اتسمت سلوكياتها، وسياساتها، بهذا القدر الشنيع من الإرهاب، والإجرام، والغطرسة، واللامبالاة بمشاعر العرب والمسلمين، ومشاعر غالبية البشر المنصفين. **** وتتواصل مجازر غزة الصهيونية الحالية، دون هوادة. ولا جديد غير القتل والتدمير المنهجي للإنسان والمنشآت. ومن أبرز ما يلاحظ على هذه المجازر فداحتها (إذ قتل الصهاينة وجرحوا عشرات آلاف الفلسطينيين). وتأكد تصميم إسرائيل على تدمير إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة، على الأراضي التي احتلها الكيان الصهيوني عام 1967م، وعزمها تدمير البنية التحتية الغزية (المتواضعة أصلاً). وهذا ما يمثل تحديّاً صارخاً للعالم، وقرارات شرعيته الأممية، التي نصت على إقامة هذه الدولة، جنباً إلى جنب مع الكيان العبري الدخيل؛ تلك «الشرعية» التي تضرب إسرائيل بها عرض الحائط، ولا من محاسب. وعلى أي حال، يجب أن توحد بشاعة العدوان الصهيوني ووحشيته، غالبية الفلسطينيين، والعرب، وتزيد من تصميمهم على استرجاع حقوقهم المغتصبة، مهما كانت فداحة التضحيات التي عليهم أن يقدموها. وقد دخل الصهاينة وأنصارهم التاريخ باعتبارهم مرتكبي جريمة العصر، فهذه المذابح والاعتداءات لن تنسى، ولن تغفر. وأقل ما يمكن أن تتمخض عنه، في المدى الطويل، هو تعميق رفض هذا الكيان الصهيوني، وزيادة الغبن منه، وبالتالي، تقليص فرص قبوله بالمنطقة، واستمرار الاضطراب والصراعات فيها.