كنوز السياحة لا تعرف النضوب، والاقتصاد الناجح يعرف كيف يستغل كافة ثرواته لاستدامة الموارد واستمرار الرخاء. والسياحة الرياضية بجاذبيتها وتنوع حقولها دخلت كعامل رئيسي ضمن أهم عوامل الجذب في العديد من الدول، لتصبح مورداً سياحياً له أثره الكبير على البلاد وشعوبها. والسياحة الرياضية التي تشكل صناعة تحقق تنمية اقتصادية كبيرة في المناطق التي تستضيفها، ظهرت نتاج الأحداث الكبرى في المجال مثل كأس العالم والأولمبياد، فكانت مصدر تأثير إيجابي في تعريف العالم بدول وشعوب ما كان من الممكن تسليط الضوء عليها بتلك الكثافة، وعرف الناس من خلالها معالم تلك الدول وما يجري فيها من حراك تنموي وحضاري، فضلاً عما جلبته تلك الأحداث من أنشطة وتشغيل مرافق خدمية متعددة وتوفير فرص وظيفية للأيدي العاملة بما ينعكس أثره الواضح على حركة الاقتصاد الكلي في تلك البلاد. حتى على المستوى الاجتماعي هناك مردودات أخرى للسياحة الرياضية تتمثل في مشاركة القيم والعلاقات الاجتماعية بين الشعوب وإثراء العلاقات الإنسانية والتعرف عن قرب على تجارب وعادات بشرية متنوعة تسهم في التقارب والتفهم والاستفادة المتبادلة. وتبرز في مجالات السياحة الرياضية رياضات المشي والجري للمسافات الطويلة وتسلق الجبال والرياضات الشتوية والرياضات المائية وركوب الدراجات، وبفضل الله تعالى تتميز السعودية بوجود المدن المؤهلة لجذب السياح سواء بمكوناتها الطبيعية والجيولوجية، أو بمرافقها الإنشائية وتنوع مناخاتها. لقد جاءت بطولة العرب للمنتخبات الشباب تحت 20 سنة في مدينة أبها لتضرب مثالاً على الذكاء التنظيمي لمناسبة رياضية في البقعة الأنسب زماناً ومكاناً؛ فأبها ذات جمال وجذب بطبيعتها الساحرة وجوها المتحرر من قيظ الصيف، فضلاً عن سمائها الماطرة التي تضفي عليها المزيد من الحسن والبهاء. وجاءت البطولة تزامناً مع انطلاق صيف أبها، فتقاطر السياح من داخل السعودية وخارجها للاستمتاع بأجواء أبها وصيفها الغني بالفعاليات التي أطلقها مؤخراً أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز. إن أبها الجميلة بمميزاتها المتعددة، ولا سيما الجيولوجية، تطرح سؤالاً يستحق أن نتوقف عنده، فهل من الممكن يا ترى أن تستضيف بطولة عالمية لتسلق الجبال، خاصة أن منطقة عسير كلها تتميز بجبالها الشاهقة المثيرة للمشاعر والنظر والمتعة؟ لعلها بذرة فكرة لإشباع الشغف الإنساني بتحدي هذه المكونات الصخرية والاقتراب من مكامن الجمال فيها، تلك المكامن التي سبق أن كتب الأمير خالد الفيصل العديد من القصائد ومنها قوله في سحبها وتلالها: يا سحايب سراة أبها تعدّي شمال واستعيري دموعي سيِّلي كل وادي غطَّي أرض الحبيِّب بالنَّدى والجمال مثل ماهو مندّي بالمحبَّه فؤادي أرعدي ياسحابه فوق هاك التلال صوِّري له حنيني عقب طول البعادِ سياحتنا الرياضية واعدة بكل الخير، وقد رأينا بالفعل بعض ثمارها في أكثر من محفل، وما علينا سوى المزيد من التركيز عليها لنجني أكبر قدر من ثمارها بإذن الله.