نعيش اليوم نهضة شاملة طالت جميع مناحي الحياة، وبات لزاماً علينا التأقلم مع التطور المتسارع والاستفادة من كل وسائل العصر الحديث. ومن مناحي الحياة التي تنفست هذا التطور وعاشته واستفادت منه «التعليم»، فغيّر من أساليبه التقليدية لأساليب أكثر حداثة وتطوراً، وأكد هذا التطور وجعله أكثر إلحاحاً ما يمر به العالم من أزمات، وهذا بدوره زاد من فرص التعلم الذاتي والاتجاه الإيجابي نحوه، وتنوع فرصه والإقبال عليه. ولم تكن التقنية هي المؤثر الوحيد في التعلم الذاتي واستمرارية التعلم، بل أسهم بشكل جوهري توجهات التعلم بالترفيه في هذا المجال بشكل جوهري، وتشير إحصائية نشرتها جامعة «كلير مونت» الأمريكية عام 2013 إلى أن التعليم بالترفيه أسهم بشكل مباشر برفع تحصيل الطلاب بنسبة 85% في المواد التي تعتمد على التركيز الذهني كالرياضيات، اللغة الإنجليزية، والتعبير. وسعت جهات خارجية وداخلية عدة لتعزيز وسائل «التعليم بالترفيه»، وابتكار الكثير من البرامج والتطبيقات التي تغذي هذا الاتجاه وتسد هذه الثغرة المهمة في قطاع التعليم. ولعل تجربة «تطبيق سالم» الذي رعته ودعمته «مؤسسة عبدالله الراجحي الخيرية» وأطلقه مركز تفسير للدراسات القرآنية بالرياض، تأتي إيماناً منهما بأهمية توظيف التقنيات المتقدمة في تعليم الأطفال القراءة وتلاوة القرآن، وجعل عملية التعلم عملية مرنة تراعي الفروق بين المتعلمين، وتجذبهم للاستمرار وتقديم المزيد من خلال الترفيه الموجه. ويهدف التطبيق لتعلم الحروف العربية، وتلاوة سورة الفاتحة آلياً للأطفال من دون معلم (4-8 سنوات)، باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي «التعرف الصوتي»، وتوظيف الرسومات الاحترافية بألعاب خفيفة مسلية وهادفة، إذ يعيش المتعلم رحلة شائقة وممتعة، تتدرج في مراحل متعددة مرحلة تلو الأخرى، وكل مرحلة تحفزه للوصول للمرحلة التالية؛ حتى يتعلم الحروف العربية رسماً ونطقاً صحيحاً، ثم ينتقل لتلاوة سورة الفاتحة وتصحيح تلاوته. تشكل التجربة محفزاً للقطاع العام والخاص وغير الربحي للعمل في هذا المجال بصورة أكبر وأكثر عمقاً، ولتوسيع أثر مثل هذه التجارب ليشمل فئات أخرى من المجتمع، وتخصصات ومجالات أخرى.