منذ أن اخترت الكتابة كمتنفس لي، وأنا أصبحت أسقط عليها كل شيء، وأثقلت كاهل قلمي بحمل كل أسراري، وكلفته باحتواء كل أفكاري، وأجبرته على ارتقاء سلم أحلامي، وحتى أنصفه ولا أبخسه حقه، فقد قام بدوره على خير وجه، وأنجز مهامه بأفضل طريقة، فكنت أجد فيه راحتي من تعبي، ووجدته قادراً على تخفيف همومي، ومعالجة آلامي، ومداراة أحزاني، حتى أني عندما أبتعد عنه أشعر بأن هناك ما ينقصني، فيعتريني الخوف ويتملّكني العجز. لم يتوانَ عن نصرتي، ولم يتردد في نقل فكرتي، ولم يتقاعس عن سوق حجتي.. فلن أخشى بعد اليوم من مواجهة جمهوري.. ولن أتردد في أن أثبت حضوري.. ولن أتقاعس عن القيام بدوري وإظهار سعادتي وسروري.. طالما أن سلاحي (قلمي) معي فهذا يكفيني. من فيضه إن طلبت حتماً سيعطيني، فأنا به أقوى، وطالما أنه مليء بالحبر فلن أشقى، حتى وإن جفَّ حبر مدادي، فعبر لساني امتدادي، وبه قلمي سيشفى، ومن دائه يرقى، وبهما معاً سأصعد قمة المجد وأرقى. لن يعيب قلمي بإذن الله عائب.. ولن يكون بعد اليوم عن القيام بدوره غائب.. ولن يحتاج بعزمه إلى من يتابع أو يطالب.. فهو الراعي وهو للخير ساعٍ طالما بالأمر راغب.. وهو القائد والمصاحب والمساعد. سيظل يشحذ همتي، إن خضت حربي فهو في صفي يحارب، وإن سرت دربي فهو في رَكْبِي يصاحب، وإن أطلقت فكري فحلق عالياً فهو في سربي يراقب. مداده من دمعي، وحروفه من جمعي، وصوته من سمعي، وطيبه من ينعي، بصماته من وضعي، كلماته من زرعي، أصداؤه من وقعي، وثماره من ريعي، ورواؤه من نبعي، وشِعْرُه من سجعي، وإنتاجه من صنعي، وغصنه من فرعي، وطبعه من طبعي، يسير حسب طوعي. سحرني بجماله وهو سحري، وبهرني بتأثيره حتى صار حبه في القلب يسري.. وقد تتحقق من خلاله كل أحلامي.. فمن يدري؟