كان الرئيس ترمب يحاول ابتزاز المملكة ودول الخليج مهدداً بسحب الدعم الأمريكي. كرّر ذلك مراراً وقال بكل عنجهية: «لو سحبنا الدعم لما استطاعت السعودية أن تبقى أسبوعاً واحداً، فبقاؤها مرهون بدعمنا، لهذا على السعوديين أن يدفعوا مقابل تلك الحماية». جاء بايدن الذي كان يتوعد السعودية بسحب الدعم. سحب الباتريوت من السعودية وألغى صفقات الأسلحة، وأقسم أن يجعل من السعودية دولة منبوذة. تسلّط الإعلام الأمريكي ومرتزقته على السعودية وشيطنوها بغير مناسبة. كانت أول نتائج هذه الحماقات في السياسة الخارجية الأمريكية أن أثبت بايدن أن ما كان يهدد به ترمب طوال فترة رئاسته من أن بقاء السعودية مرهون بالحماية الأمريكية لم يكن إلا مجرد وهم زائف. السعودية باقية بالدعم الأمريكي وبدونه، والحقيقة أنها أصبحت أقوى مما كانت لأنها أدركت مواطن القوة فيها بعد تبخر وهْمِ الدعم الأمريكي والحماية الأمريكية وبعد أن أدرك الجميع أن أمريكا لا تحفل بالحلفاء ولا الأصدقاء. كان للقيادة السعودية رأيها وتوجهاتها وتحالفاتها المبنية على الواقع وعلى المتغيرات السياسية. ليس فقط هذا بل أثبتت السعودية أنها عضو فاعل في الاستقرار العالمي سواء كان ذلك في سوق النفط أو في تصديها للإرهاب ممثلاً بإيران وأذرعها الإرهابية في اليمن ولبنان. وهكذا تبيّن للجميع أن السعودية تمثل محور الاستقرار الثابت في محيطٍ مضطربٍ من حولها وأنها أهل للثقة كقوة إقليمية وعالمية على مختلف الأصعدة. أدركت أمريكا أنها بحاجة للسعودية في مجال الطاقة وفي مجال التحالفات بل حتى في مجال السلم والاستقرار العالميين. فتعالت الأصوات من داخل الولاياتالمتحدة عبر نفس المنابر التي كانت تهاجم السعودية. هذه المرة تعالت لتدين سياسة بايدن تجاه السعودية وأكد أكثر من سياسي وإعلامي أن تلك السياسة سببٌ مباشر في ما تعانيه أمريكا من ضغوط اقتصادية تمثّلت في ارتفاع معدل التضخم لمستوى لم يصله منذ أربعين عاماً. كما أن تخبطات بايدن أفشلت خطط أمريكا بعزل روسيا، وأصبح موقف أمريكا ودولارها المسيطران على الاقتصاد العالمي موضع شك بل ربما شهدت حقبة بايدن بداية انحسار الدولار كعملة عالمية إذا نفذت السعودية خطتها ببيع البترول باليوان الصيني، وربما يتبعها أو يسبقها فك ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي. رب ضارة نافعة. لن أسرد بقية إيجابيات سياسة بايدن تجاه المملكة التي جاءت بنتائج عكسية أحرجت الإدارة الأمريكية، لأنني أرى أن أهم إيجابية لبايدن هي القضاء التام على ادعاءات ترمب أن بقاء السعودية مرهون بحماية أمريكا لها. السعودية أقوى مما كانت بفضل الله ثم بفضل سياساتها الحكيمة وستبقى علامة فارقة على المستوى الإقليمي والعالمي بإذن الله شاءت أمريكا أم أبت.