عكس الموقف الدولي من العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى والقدسوغزة؛ خذلان الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي، فضلا عن تقاعس وتراخي مجلس الأمن بشكل خاص، والأممالمتحدة بشكل عام؛ كونها فشلت حتى الآن في اتخاذ موقف حازم ضد قوات الاحتلال الصهيونية والاكتفاء بعبارات القلق والاستنكار؛ مع مواصلة إسرائيل عدوانها الوحشي والهمجي ضد الأقصى والقدسوغزة، ولم يصدر مجلس الأمن أي بيان حتى الآن، رغم أن قضية القدس وفلسطين تحظى بقرارات صادرة من الأممالمتحدة وليست قضية ولدت خارج رحم الأممالمتحدة. بالمقابل، استمرت إسرائيل في تحديها للمجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومضت في عدوانها الهمجي ضد المدنيين، وهو ما يطرح التساؤل حول دوافع الموقف الدولي المتخاذل خصوصاً الانحياز الأمريكي والتواطؤ الأوروبي وتداعياته بالنسبة لاستمرار سياسة القتل الإسرائيلية؟ وما المطلوب عربياً لوقف المحرقة الإسرائيلية ومنع تكرارها في المستقبل في ظل هذا الصمت الدولي؟ ليس هناك رأيان على أن الخلل هو في النظام الدولي وقوانين الأممالمتحدة، وتأثير الولاياتالمتحدة، والقوى التي تمتلك حق النقض الفيتو في مجلس الأمن؛ الأمر الذي يساهم عادة في ازدواجية المعايير التي يطبقها المجتمع الدولي ومؤسساته المُناط بها حفظ السلم والأمن الدوليين، وعلى رأسها مجلس الأمن، إذ يتم تفعيل دور المجلس بقوة في بعض الصراعات والأزمات التي تريد الولاياتالمتحدة له ذلك، بينما يتم تهميشه واستبعاده من الصراعات الأخرى التي ترتبط بمصالح ونفوذ القوى الكبرى، وفي مقدمتها الصراع العربي- الإسرائيلي. إن انحياز القوى الكبرى ودعمها للجلاد ضد الضحية وفر السياج لحماية الممارسات العدوانية الإسرائيلية البربرية ضد الشعب الفلسطيني، وهي تدرك جيداً عدم قدرة المجتمع الدولي على معاقبتها أو محاسبتها نتيجة حق النقض الفيتو للدول الكبرى. لذلك فإن ما جرى من انتهاك للمقدسات الإسلامية في القدس ومحرقة غزة لن تكون الأخيرة في سجل إسرائيل القمعي ضد الشعب الفلسطيني، طالما استمرت في تحديها للشرعية الدولية. إن استمرار العدوان الصهيوني على الفلسطينيين هو نتاج لتراخي القوى الدولية على مدار العقود الماضية؛ إن على صعيد مسيرة السلام وما تعرضت له من انتكاسات شديدة أوصلتها إلى حالة الجمود نتيجة تعنت وتحدي إسرائيل وعدم تنفيذها لالتزاماتها الواردة فيما طرح من مبادرات واتفاقات؛ وأبرزها المبادرة العربية التي كانت تهدف لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس. فقد ساهم الانحياز والتراخي الدولي وانحصار السياسة الأمريكية في إطار الأقوال دون ترجمتها إلى أفعال، في وصول عملية السلام إلى طريق مسدود، وعدم إنجاز تسوية سياسية شاملة وعادلة للمشكلة الفلسطينية تضمن استعادة حقوقه المشروعة وتحرير أرضه المحتلة عام 1967، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وأدى عدم إنجاز السلام الحقيقي العادل والشامل إلى استمرار دوامة العنف في المنطقة، بل إن إسرائيل في الوقت الذي تهربت فيه من التزاماتها تجاه عملية السلام، عملت على توظيفها لكسب الوقت لتنفيذ مخططاتها في استمرار تهويد القدسالمحتلة وبناء المستعمرات في الضفة، واستكمال بناء الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية وتقسيمها إلى كانتونات، تقوم بذلك وتحاول في الوقت ذاته أن تظهر للعالم أنها ترغب في السلام. من جانب آخر، ساهمت التناقضات والنزاعات بين الفلسطينيين، خصوصا حماس والسلطة، والتعامل بصورة منفردة في زرع بذور الشقاق بين الفلسطينيين، إذ تحولت الأراضي الفلسطينية إلى كيانين منفصلين أحدهما في الضفة والآخر في قطاع غزة.. وخرجت حماس عن سلطة الشرعية الفلسطينية وارتمت في أحضان المتاجرين والمزايدين، وقامت إسرائيل بتوظيف هذا الانقسام بدورها لتظهر للعالم عدم وجود شريك فلسطيني للسلام. إن تراخي أمريكا، وتقاعس أوروبا، والمتاجرة الفلسطينية الحمساوية، أدت لهذه النتيجة.. والسؤال أين الوسيط النزيه لوقف انفراد إسرائيل لإبادة الفلسطينيين؟