نظام «الكونفدرالية» هو اتحاد دول مستقلة في كيان واحد يحمل ذات الأهداف المشتركة والمواقف تجاه قضايا سياسية واقتصادية ودفاعية وأمنية واستراتيجية. ولعل «الكونفدرالية» تختلف عن مصطلح «الفيدرالية»، فالفيدرالية تداخل كيانات صغيرة في دولة واحدة ذات كيان واحد مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، في حين أن «الكونفدرالية» تنشأ بناء على اتفاقيات تنص على توحيد وتنسيق مواقف الدول على كافة الأصعدة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، مما يحفظ للدول المشتركة في هذا (الاتحاد الكونفدرالي) نوعا من الاستقلالية والخصوصية، مثل الاتحاد الأوروبي. وفي ظل كم التغيرات الدولية المتسارعة فى منطقة الشرق الأوسط، وتذبذب مواقف الفاعلين الدوليين من قوى عظمى، هل أصبحت هناك ضرورة ملحة لوجود مثل هذا «الاتحاد الكونفدرالي»؟ أو تفعيل فكرة وجود «ناتو عربي» يتشابه مع فكرة حلف شمال الأطلسي، لكبح جماح التهديدات المتنامية في المنطقه جراء البرنامج النووي الإيراني، وتمدد الأذرع الإيرانية أو الوكلاء لطهران بالنيابة، وتصاعد تهديداتهم في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وما يمثله ذلك من ضرب للسلم الدولي، واستقرار الممرات المائية وأسواق الطاقة العالمية، والعبثية الكارثية المتمثلة في انتهاك القوانين والأعراف الدولية واستهداف المدنيين، مما يرقى إلى «جرائم الحرب» التي تعاقب عليها القوانين الدولية. وبالتالي فإن وجود اتفاقيات دفاعية صارمة وأمنية وسياسية واقتصادية تنظم وجود مثل هذا «الاتحاد الكونفدرالي» بين عدة دول، مما يتطلب تكاتف الجهود الرامية إلى وحدة الموقف العربي في ذلك الجانب، إضافة إلى الخروج من بوتقة الشعارات والتنديدات إلى فكرة العمل الجماعي الذي يصب في وحدة المصير المشترك، وتحقيق التعايش السلمي الرامي إلى الاستقرار، وهو ما تنشده دول المنطقة، إذ إن غياب المشروع العربي الموحد تجاه المشروعين الفارسي والتركي الراميين إلى تقويض الاستقرار والأمن في المنطقة، وتغليب مصالح تلك الدول البرغماتية. وفي مواجهة تلك الطموحات التوسعية نجحت المساعي السعودية في مواجهتها في البحرين سابقاً، وفي اليمن وقفت إلى جوار الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ولطالما دعمت الحكومة العراقية سابقاً ضد التدخلات الإيرانية، وساندت الشعب اللبناني وحكومته المنتخبة في مواجهة مليشيا «حزب الله» المدعوم إيرانياً، وتلك المساعي السعودية المستمرة استمدت عزيمتها من الفهم العميق لامتدادات تلك الثورة منذ بداية ظهورها عام 1979على يد الخميني. أعتقد أن وجود «ناتو» أو «اتحاد كونفدرالي» يتبعه نظام للدفاع الجماعي المشترك والرد على أي هجوم يتعرض له أي طرف خارجي، وبناء هيكل عسكري متكامل يحترم السيادة الدولية لأعضائه وفق مبادئ القانون الدولي والاتفاقيات التي يتم إبرامها فى الجوانب الأمنية والسياسة الخارجية والنواحي الاقتصادية، فكرة جديرة بالبحث، فضمن هذا الاتحاد سيفرض واقع دولي جديد وتخلق توازنات جديدة في المنطقة.