مع التغيرات التشريعية المتسارعة في السعودية؛ تحصل هناك تجاوزات أو أخطاء في تطبيق التشريعات من قبل المؤسسات القضائية أو الضبطية المتمثلة في الأجهزة الأمنية، وقد يكون أحد أسباب التجاوزات أو الأخطاء هو (رأي) بعض رجال الضبط في التشريعات الجديدة، الأمر الذي قد يؤثر بشكل خطير على تطبيق القانون وسيادة أحكامه، فلا يجوز لأي موظف عام أن يهمل نصاً قانونياً بسبب رأيه الشخصي ومتى ما فعل ذلك فإنها تعد جريمة جنائية بناءً على المرسوم الملكي رقم 43 وتاريخ 19/11/1377ه. وأكثر الأخطاء المرتكبة من قبل بعض رجال الضبط في بعض مراكز الشرطة هو تعاطيهم مع ما تسمى بقضايا التغيب واتخاذ إجراءات بحق المُبلَغ ضدها مع أن مثل هذه البلاغات انتهت تماماً بتعديل نظام الأحوال المدنية في المادة (30) والتي نصت بعد التعديل على (محل إقامة القاصر هو محل إقامة والده أو الوصي عليه) وكذلك المادة (31) والتي نصت على (مع مراعاة ما سبق يجوز لأي شخص أن يختار محل إقامة خاصاً يتلقى فيه الإخطارات والتبليغات التي توجه إليه بشأن مواضيع أو معاملات معينة وذلك بالإضافة إلى محل إقامته العام) فكل شخص غير قاصر يجوز له أن يختار محل إقامته دون معقب عليه من أحد، ولا يجوز لأي مؤسسة أن تمنعه من ذلك الحق، فلا يوجد الآن في المنظومة التشريعية في السعودية أي سند قانوني لما يسمى (قضايا التغيب) لأن التجريم لا بد أن يكون بنص قطعي الدلالة قطعي الثبوت وفق القاعدة الدستورية المستقرة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) خصوصاً وأن هناك تعميماً واضحاً من النيابة العامة بحفظ بلاغات التغيب ما لم تكن مرتبطة بجريمة جنائية. ولا يمكن تفهم إصرار البعض من موظفي الضبط الجنائي على ممانعة التعديلات التشريعية والوثائق القانونية في هذه القضية تحديداً، وإنهاك المؤسسات القضائية بمثل هذه البلاغات التي لم يعد لها وجود قانوني، مع التأكيد أنه لا يجوز لرجل الضبط أن يعالج مثل تلك البلاغات وغيرها دون الرجوع إلى النيابة العامة صاحبة الاختصاص الأصيل في تطبيق القانون وحراسة أحكامه، وأي تجاوز لهذه القاعدة هو تعدٍ على سلطة النيابة وولايتها. إن الأهم من جودة النص القانوني هو ضمان تطبيقه تطبيقاً سليماً، بعيداً عن الآراء الشخصية، وهذا لا يتأتى إلا من خلال مزيد من النقد والتمحيص والرقابة الصارمة من قبل المؤسسات الرقابية في الدولة. كاتب سعودي