طوت ماليزيا صفحة مهاتير محمد منذ فترة، وعادت ماليزيا التسامح والاعتدال التي ترفض الإقصاء، وتسعى لتعزيز العمل الإسلامي المشترك. وكان وزير الخارجية الماليزي داتوك سيري هشام الدين حسين صادقاً عندما قال في أول تصريح له عقب تقلده منصبه، إنه سيعطي الأولوية لترميم العلاقات الثنائية مع السعودية بصفتها محوراً ولاعباً أساسياً في المنطقة والمحيط الإسلامي، مضيفاً أن إحدى أولوياته في المرحلة القادمة إصلاح العلاقات الثنائية مع السعودية، كمؤشر على التوجهات لتقوية الشراكة بين الرياض وكوالالمبور وإعادتها إلى مسارها الطبيعي، ليس لمصلحة البلدين فحسب بل لتعزيز التضامن الإسلامي وإيجاد حلول لقضايا الأمة الإسلامية.لقد رسمت حكومة محيي الدين ياسين خطوط السياسة الماليزية المبنية على الأسس العريقة لدولة التسامح وعدم الإقصاء والعمل لرفاهية الشعب وتوحيد جهود الأمة الإسلامية. وعندما يزور محيي الدين ياسين المملكة في أول محطة له فإن ذلك يؤكد ليس فقط عمق العلاقة بين الرياض وكوالالمبور فحسب، بل يجسد حرص البلدين على إيجاد حلول لقضايا الامة الاسلامية تحت مظلة منظمة التعاون الاسلامي.لقد عادت ماليزيا من خلال ماليزيا محيي الدين الى الدول الإسلامية وفق قواعد وقوانين القانون الدولي.. إنها ماليزيا الجديدة تصحح مسارها.. وتتجه للسعودية.. بوصلة العالم. لقد اتسمت العلاقات بين المملكة وماليزيا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في بداية الستينات بالاحترام المتبادل والعمل على تطويرها في المجالات كافة، واستمرت هذه العلاقات بين البلدين في جميع الأصعدة. وتحظى المملكة باحترام كبير لدى الأوساط الرسمية والشعبية والتجمعات الإسلامية كافة، وتشكل وحدة العقيدة الدينية والروابط الأخوية الأسس المتينة للعلاقات القائمة بين البلدين، خصوصاً أن قيادتي الدولتين حريصتان كل الحرص على التعاون والتآخي، فهما دولتان كبيرتان لهما مكانتهما في العالم الإسلامي، وتعاونهما لخير الإسلام والمسلمين. من هنا، فإن زيارة محيي الدين تكمن أهميتها في الدور المهم الذي تلعبه ماليزيا في شرق آسيا والمحيط الاسلامي، والمملكة تعتبر رائدة في قيادة الدول الإسلامية والعربية، كما أ البلدين يرفضان بشكل مطلقٍ الإرهاب بكل أشكاله وآيديولوجياته، وبكل جرائمه وتنظيماته، ذلك أن مشكلة الإرهاب الدولي اليوم تتسمّى بالإسلام وتتحدث باسم الإسلام، فيما البلدان يؤيدان قيم التسامح والوسطية والاعتدال وفهم ثقافة الآخر، فماليزيا تمتلك تجربة تنموية تستحق القراءة والتأمل في هذا الاطار خصوصا ان نموذج التعايش السلمي بين مكوّنات المجتمعات والشعوب يبدو بارزاً في ماليزيا. إن تعزيز المملكة لدبلوماسية التوجه نحو الشرق لتعزيز العلاقات وتقوية أواصر التعاون، يمنح السعودية مزيداً من الثقل السياسي على مستوى التوازنات الدولية، مع الحفاظ الكامل على علاقات السعودية مع حلفائها الكبار في الدول الغربية، كما يمنحها قدرة على ممارسة أدوارٍ أكبر في حل الأزمات الكبرى في المنطقة والعالم. الشرق ممثلاً في ماليزيا يتوجه الى السعودية.. الرياض - كوالالمبورتسعيان لتقوية الشراكة الاستراتيجية ودعم قضايا الأمة وتعزيز قيم التسامح والوسطية والاعتدال.