2020 رقم مميز وبالفعل كان مختلفاً، عامًا من العزلة حمل بين طياته المشاعر المتناقضة فتارة مليئة بالرضا، وتارة مليئة بالقلق عزلة لم يكن لنا فيها خيار غير الاضطرار، فأهم ما قيل على شاشات الأخبار أن الصين تنفست خطأ فتجرع العالم مرارةً وألماً، فأمريكا توقفت مفجوعة، وروسيا مازالت موجوعة، والقارة العجوز أوروبا بكل مفاتنها وتخمة مطابخها أنغرست بخاصرتها طعنة كورونية. والإنسان في محنته ضئيل ومرتبك فالحلقة تضيق والمشهد موجع وضبابي، ولكن ماذا عن العزلة؟ عام من العزلة إلا من الذات عندما أيقنَّا بأن هبة الحياة أثمن ما نملك، فقمنا بترميم ذواتنا من الداخل عاتبنَاها وتآلفنا معها واكتفينا بها عن العالم الآخر، وصدق الشاعر جاسم الصحيح حين قال: وعلَّمني السُقوط ببئر نفسي بأنَّ الماء في الأعماق أحلى فكانت العزلة هي الحل الأول للشِفاء، وراحة للضمير، للأرض، للسماء وللمحيطات، تجربة مريرة مرت على الكرة الأرضية وحتمًا بمشيئة الله سنعود ولكن بشكل مختلف فكل أزمة مؤلمة أو مرهقة تمر على الإنسانية لا يخلو الأمر حينها من قولبة لم تكن في الحسبان لتتغير فيها الأفكار والأنماط وأسلوب الحياة. في هذا السياق استوقفتني قصة ذكرها إيريك فروم في كتابه «الامتلاك والوجود» ففي عام 1977 بمدينة ميونخ الألمانية ضاق الناس ذرعاً من سياسة التملك والقروض، ففكروا بطريقة تساعدهم على الزُهد وتقليل القروض، بالاستغناء عن امتلاك سيارة والتنقل من خلال الدراجة الهوائية، كان القصد حينها إيجاد بدائل أخرى تقلل من الاستهلاك المادي، ثم أصبحت الدراجة بعد ذلك موضة وتقليعة. دامت إلى الآن وتمحور الهدف من الزهد إلى جودة حياة ساعدت بالتالي على قلة الالتزامات المادية، قلة التلوث البيئي، زيادة اللياقة البدنية، وأصبحت هواية تميل للمتعة والانسجام مع الطبيعة، الآن أمامنا عام جديد مليء بالبشرى، عظيم بالتغيير محاط بالسعادة والأمل، فالجميع متأهبون للانطلاق لتحقيق تلك الأحلام الساكنة بمكانها دون اضطراب.