بعدما مرور شهر على مهمة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري في تأليف «حكومة المهمة» أو «الفرصة الأخيرة» كما وصفها أثناء عرضه خدماته على لبنان واللبنانيين بهدف إنقاذهم، وصل مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل إلى بيروت عصر اليوم (الأربعاء)، في زيارة تهدف إلى تحريك المبادرة التي ركدت مياهها في القنوات اللبنانية بفعل تعنت أرباب السلطة وأحزابها وتمترسهم خلف المصالح نفسها التي أدت إلى فشل محاولات الإنقاذ السابقة. الموفد دوريل الذي عيّن رئيسا لخلية الأزمة في الإليزيه مكان السفير السابق إيمانويل بون سيقوم غدا (الخميس) بجولة على عدد من المسؤولين اللبنانيين على أن يغادر (الجمعة)، حاملا معه إلى الرئيس الفرنسي موقفا حاسما يلخص ما ستؤول إليه نتائج اللقاءات المرتقبة. وقبل أن يبدأ الموفد الرئاسي الفرنسي جولته في أروقة ودهاليز ساسة لبنان، تثور بعض التساؤلات ومنها: هل الزيارة لضخ الروح في عروق المبادرة المصابة بشلل كلي؟ وهل يحمل معه رسالة شديدة اللهجة من الرئيس ماكرون إلى المعنيين؟ وهل جاء ليحذرهم من إمكانية تحويل مؤتمر الدعم الاقتصادي في حال لم تشكل الحكومة إلى مؤتمر الدعم الإنساني؟ وهل جاء لكسر الجمود والتصلب الذي يطغى على المواقف، أم أنه يحمل معه كتيباً بعنوان كيف تؤلف حكومة؟ أم جاء ليؤكد المؤكد ويستطلع الآراء ويغادر كالسلف؟ الزيارة الفرنسية تؤكد دون شك أن المبادرة الفرنسية مستمرة ولو أنها تقبع في غرفة الإنعاش، لكن الواقع يؤكد أيضا أن الساسة اللبنانيين استسلموا للعبة الخارجية، فتارة ينتظرون لائحة العقوبات الأمريكية وأخرى ينتظرون نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وطورا ينتظرون زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي.. أي أنهم ما عادوا قادرين على إيجاد أي حل محلي أو داخلي، وما عادوا قادرين على تأليف حكومة بالحد الأدنى من مواصفات الإنقاذ لبلد يسير بسرعة جنونية نحو المجهول. ورغم كل ما ذكر، لا يزال بيت الوسط مستمراً في تسريب الأجواء الإيجابية حول مسار المشاورات وأن أمور التأليف تسير في مسارها الطبيعي، وآخر هذه التسريبات ما نقل عن لسان سياسي معروف بصداقته لسعد الحريري قوله (الأربعاء) إنه «تم الاتفاق على شكل الحكومة وعدد الحقائب بين الرئيسين عون والحريري، وإن الاتفاق على الأسماء سيجري هذا الأسبوع»، وأضاف بثقة عالية: «اعتبروا كلامي تسريب من هالتسريبات».