اختلط الحابل بالنابل في لبنان خلال الساعات القليلة الماضية، وتكثّفت المساعي الدولية والعربية، وكثر الطباخون في ظل تلبّد غيوم الاستحقاق الرئاسي، قبل 5 أيام من الجلسة التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري الأربعاء المقبل، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. راجع ص 6 و 7 وفيما تأكد أمس، من مصادر ثقة أن البطريرك الماروني نصرالله صفير سلّم الجانب الفرنسي لائحة المرشحين للرئاسة التي طالبه بها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، بناء لتمنّي بري وزعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري، علمت"الحياة"أن صفير اشترط على الجانب الفرنسي التكتّم على الأسماء التي تتضمّنها اللائحة في انتظار الحصول على الضمانات التي وعدت باريس بالسعي من أجلها مع كل من إيران وسورية وفرقاء لبنانيين، بأن الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها، في مقابل إصدار البطريركية لتلك اللائحة التي تردّد أنها تضم 6 او 7 أسماء، وأنه قد يكون أضيف اليها المرشحان اللذان يحتاج اختيار واحد منهما تعديلاً للدستور، أي قائد الجيش العماد ميشال سليمان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إضافة الى مرشحي الأكثرية والمعارضة الثلاثة، رغم المعلومات عن أن العماد ميشال عون مرشح المعارضة طلب عدم تضمينها إسمه. وغادر بيروت فجر أمس الموفد الفرنسي جان كلود كوسران الى باريس. ورجّحت مصادر مطّلعة ان يكون غادر بعد حصوله على لائحة صفير. وينتظر ان يقترن الحصول على الضمانات الخارجية، من جانب فرنسا خصوصاً بإتمام الانتخابات في موعدها، مع اجتماع بري والحريري ليختارا الاسم التوافقي من اللائحة أو اختيار إسمين يتم الفصل بينهما عبر الاقتراع في البرلمان. ودخلت مصر مجدداً على خط الجهود الخارجية، فناشد وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط القوى السياسية الامتناع عن أي موقف أو تصريح متشدد يؤثر سلباً في الجهود المبذولة من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، وأشاد بدور صفير. واتصل أبو الغيط ببري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة وقيادات أخرى لبنانية. تحرك موسى وقبل وصول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى بيروت، أنهى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى زيارة سريعة لدمشق التقى خلالها الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم. ونفى موسى نيّته زيارة بيروت. وقال مصدر ديبلوماسي أنه سيرسل مبعوثاً إليها وأن الأمين العام مرتاح الى تأكيد سورية دعمها المبادرات في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني خصوصاً الفرنسية. وعلمت"الحياة"ان تحرّك موسى جاء مكملاً لتحرك أبو الغيط، وفي اطار تشجيع مصري للجامعة العربية على لعب دور لحض سورية على تسهيل اجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها. وقالت ل"الحياة"مصادر مطلعة على تحرك القاهرة ان تحرك موسى جاء بعد اطلاع القاهرة المسؤولين السعوديين عليه، وأن هناك سعياً عبر موسى لتلاقي الموقفين السوري والسعودي حول اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان في موعدها، من دون ان يعني ذلك الآن حصول تواصل مباشر سعودي - سوري. وأوضحت المصادر ان الجانب الفرنسي مطلع على التحرك المصري الذي يتناول مراحل عدة، خصوصاً أنه يدعم المبادرة الفرنسية. وذكرت المعلومات ان موسى فضّل عدم زيارة بيروت في ظل التعقيدات الراهنة، كي يتجنب الوصول الى نتيجة بأن التحرك العربي عجز عن معالجة الأزمة اذا فشل في مهمته، وآثر السعي الى تذليل العقبات الخارجية أولاً. وفي وقت كان منتظراً ان يصل الى بيروت خلال ساعات وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما، اجتمع السفير الإيراني في بيروت محمد رضا شيباني الى البطريرك صفير مبدياً تفاؤله بانجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري. وأكد"ان المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق الداخل اللبناني"، مشيراً الى ان"التوافق هو خشبة الخلاص للبنان". بان ودعا بان، فور وصوله الى مطار بيروت أمس"الى انتخاب رئيس للجمهورية يكون قادراً على تمثيل جميع اللبنانيين". وزاد:"يجب ان يحصل الانتخاب في موعده وفقاً للآليات الدستورية". وحض مجلس النواب على"الالتئام لانتخاب رئيس يحظى بقبول واسع ليكون قادراً على تمثيل جميع اللبنانيين". وأعلن ان لا عودة عن انشاء المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، مؤكداً نيته العمل من أجل تسريعها. واجتمع بان لاحقاً مع بري الذي أثار معه الخروق الاسرائيلية للسيادة اللبانية فيما أكد المسؤول الدولي أهمية حصول الاستحقاق الرئاسي. وانتقل بان يرافقه موفده الخاص لتطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن، وممثله الشخصي في لبنان غير بيدرسون للقاء النائب الحريري، واجتمع مساء مع السنيورة على ان يلتقي البطريرك صفير والعماد عون والنواب الموجودين في فندق فينيسيا والوزير المستقيل محمد فنيش حزب الله. وشهدت البطريركية المارونية زحمة زوار على رغم ترؤس صفير الاجتماع السنوي لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك، فكان يقطع الاجتماع للقاء زائريه. وصدر عن المجلس بيان أهاب بالمسؤولين السياسيين والنواب الاقلاع عن مواقف التحدي، داعياً اياهم الى"الالتزام الوطني بانتخاب رئيس جديد في الموعد المحدد". لكن نكسة أصابت أمس الآمال التي علقها الجانب الفرنسي وسائر الوسطاء الذين اعتبروا اصدار صفير لائحة مرشحين لاختيار رئيس منها باتفاق بين بري والحريري، نظراً الى وقعها المعنوي على الفرقاء السياسيين المسيحيين لتكون مقدمة لحضورهم جلسة الانتخاب. اذ أعلن عون تضامنه مع موقف"حزب الله"الذي أعلنه أمينه العام السيد حسن نصر الله ازاء الانتخابات الرئاسية حين ناشد الرئيس اميل لحود اتخاذ خطوة انقاذية ازاء الفراغ المحتمل. وقال عون ان التحالف الشيعي"يمثل كل الشيعة ولا يمكن ان يكون هناك رئيس غير متوافقين عليه، وأحمل المسؤولية لكل النواب ومن أي تكتل كانوا، وبخاصة نواب تيار المستقبل بانتخاب رئيس للجمهورية ولو كان بنصاب الثلثين، اذ لا يجوز الغاء ثلث الشعب اللبناني من الوفاق اللبناني، ومحاولة عزله لأن هذا يعني بداية لضرب الاستقرار في لبنان، وإدخاله في المجهول". وأضاف:"ليس عدم انتخاب رئيس هو الذي يدخل لبنان في المجهول بل عندما ينتخب رئيساً لا نجد فيه إلا التصادم". وتحدث عن"نظرية ان لا أحد يريد التصادم مع حزب الله لكن العمل على قضمه ايضاً ستكون له نتائج وخيمة كنظرية العزل، فلا أحد سيبقى حتى الرمق الأخير ليدافع عن نفسه". وتابع عون:"الولاياتالمتحدة تفرض علينا سياسة تفرقة غير مقبولة". وطالب جميع اللبنانيين"بمختلف طوائفهم وأحزابهم ألا يسيروا بهذه الخطة وأن يرفضوا رئاسة تأتي معلبة بهدف خلق صدام وطني". وجاء تصريح عون في ظل معلومات عن أنه في اتصالاته مع"حزب الله"بات قريباً من أن يقبل تعيينه رئيساً لحكومة انتقالية، في حال قرر لحود تشكيل حكومة قبل مغادرته قصر الرئاسة، على رغم اعتبار الأكثرية ان الخطوة غير دستورية، وعلى رغم ان عون كان يرفض مثل هذا الاقتراح سابقاً. في المقابل، ذكرت مصادر واسعة الإطلاع ان ثمة مشاورات حول رئاسة حكومة انتقالية يشجع"حزب الله"لحود عليها، وأن بعض الشخصيات التي كانت رافضة لفكرة المشاركة فيها لتسلم حقائب وزارية باتت قابلة للفكرة، وأن زعيم"تيار المردة"الوزير السابق سليمان فرنجية بحث مع نصرالله أمس في خطوات المعارضة. وكان الحريري وصف خطاب نصر الله الذي ألقاه الأحد الماضي بأنه"ناري بامتياز لأنه شن هجوماً على المبادرة الفرنسية والحوار بيني وبين الرئيس بري". وقال السنيورة ان هناك من يطالب لحود بخرق الدستور، وطالب الأخير"باحترام قسمه"، في إشارة الى فكرة تشكيل حكومة ثانية.