يبدو أن الحلقات الوثائقية التي سردها الأمير بندر بن سلطان ستكون تدشيناً لمرحلة جديدة في التعاطي الإعلامي مع بعض الملفات المهمة في المنطقة العربية التي كان للمملكة دور مركزي هام فيها، وإذا لم يكن ذلك كذلك، كتوجه جديد، فإننا نتمناه أن يكون، لأن الصمت لم يعد مجدياً بعد أن رأينا وسمعنا تجاوزات كثيرة، ومغالطات ومزايدات قبيحة على الأدوار التي لعبتها المملكة لخدمة قضايا عربية وحل إشكالات معقدة وإنقاذ دول من مغبة حماقات قادتها ورعونة سياساتهم. المملكة كانت تتصرف بنبل ومروءة انطلاقاً من روابط الأخوة ومقتضياتها وواجباتها دون ضجيج دعائي أو انتظار لمديح أو حتى شكر، كانت تضع كل ثقلها عندما تبادر لحل مشكلة أو يطلب منها التدخل، وأحياناً تصل إلى حد المغامرة بعلاقات استراتيجية مهمة من أجل قضية تخص إحدى الدول العربية، ابحثوا في تفاصيل بعض الملفات لتكتشفوا كم مرة تدخلت المملكة لإطفاء حرائق وفك اشتباكات وإنقاذ دول، من شرق العالم العربي إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، ولكن كيف كان رد الجميل في كثير من الأحيان. هنا تبدو الصورة السيئة، إذ لم يقتصر الأمر على غمط الحقيقة وإنما تشويهها بالكذب والتزييف، بل طعن المملكة في ظهرها بمواقف مخزية عندما كانت تتوقع غير ذلك. من يمن علي صالح إلى عراق صدام حسين إلى سوريا الأسد إلى ليبيا القذافي وغيرهم، ماذا فعلت المملكة وماذا فعلوا بها، ناهيكم عن القضية الفلسطينية ومسؤوليها، إنها تجليات لسوء الطوية والغدر وانعدام المروءة والخذلان المبين. سكوت المملكة وتفضيلها امتصاص الخيبات والاستمرار في التعامل بقيمها ومثلها الخاصة جعل اللئام يتصورون بأنها مجبرة على ذلك، وأن صمتها يعكس موقف ضعف، هذا هو المؤلم الذي لا يجب أن نتحمله بعد الآن. علينا كشف الحقائق وتعرية المواقف وتجريد الممثلين السيئين من أقنعتهم لتتضح وجوههم الحقيقية المشوهة، علينا حماية صورة المملكة الناصعة وتوضيح مواقفها المشرفة وقطع الطريق على كل من يزايد عليها. [email protected]