قبل ثلاثة أيام، تذكر العالم تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، وفي هذه السنة أكدت إدارة ترمب مسؤولية إيران عن المأساة التي قتلت 3 آلاف انسان، وأصدرت محكمة فيدرالية حكماً نهائياً في نيويورك يقضي بمصادرة ممتلكات إيران في الولاياتالمتحدة، وتعويض 154 شخصا بمبالغ تصل إلى ملياري دولار، وقد ظهرت حقائق جديدة؛ أهمها أن رودي جولياني عمدة نيويورك الذي تحامل على المملكة في كارثة سبتمبر، يعمل بوظيفة مستشار خاص لحكومة قطر، ومعه علي صوفان وجوليت كيم ومهدي حسن وبيتر بيرغن، وهؤلاء ينشطون في الإعلام الغربي ضد الدولة السعودية، ولديهم وظائف برواتب ضخمة في مؤسسات تتبع لقطر. الأصعب أن الإرهابي المطلوب خالد شيخ محمد، مهندس 11 سبتمبر، أقام وعمل في قطر ما بين عامي 1992 و1996، وإدارة كلينتون كانت متأكدة من وجوده وغيره ولم تحرك ساكناً، وما زالت المؤسسة السياسية في أمريكا ورغم إقرار قانون جاستا في 2016، مترددة أو ربما لا ترغب في تفعيله لمعاقبة الدوحة على استضافتها إرهابيي سبتمبر، وبالتالي إجبارها على دفع تعويضات لعائلات الضحايا. المجاملة الدولية لقطرغير مفهومة، فظروفها لا تساعدها في أن تكون دولة مؤثرة في التوازنات الإقليمية والدولية، وليس لديها عمق استراتيجي أو قيمة سياسية، ومساحتها، على سبيل المثال، لا تزيد على 12 ألف كيلومتر مربع وتقارب مساحة منطقة الباحة الأجمل بكثير والأصغر في مناطق المملكة، والتي تمثل ما نسبته نصف في المئة من المساحة الإجمالية للأراضي السعودية، إلا إذا كانت تستخدم كحديقة خلفية للملالي والإخوان بمباركة أو تغافل غربي. إرهاب القاعدة لا يقارن بإرهاب كورونا، فالأخير تسبب في وفاة أكثر من 32 ألف شخص في نيويورك، أو ما يعادل عشرة أضعاف ضحايا سبتمبر، واللافت هو تراجع أولويات السياسة الأمريكية بشكل واضح لصالح كورونا، وتحول بوصلة الحرب الأمريكية على الإرهاب من الإسلام السياسي إلى الشيوعية والفايروس الصيني، وإحلال الكورونوفوبيا محل الإسلاموفوبيا. 11 سبتمبر يوم مؤلم، مكن أمريكا من تطويق أكبر احتياطي نفطي في العالم، وبالتالي لا يمكن وصفه بالمحطة التاريخية الفاصلة، فهو لا يشبه سقوط روما ولا فتح مكة في زمن النبوة ولا التصحيح الديني في أوروبا، ولا يملك مواصفات معاهدة وستفاليا التي كرست، في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، مفهوم الدولة الوطنية بحدودها وسيادتها، ولا الثورة الفرنسية وتنظيمها للعلاقة بين المواطن والدولة، ولا الثورة الروسية وخروجها بمفهوم الاشتراكية في مواجهة الرأسمالية، ولا الربيع العربي الاستخباراتي وتكريسه لمنطق الفوضى والدول الفاشلة، ولا كورونا التي أعادت تعريف الحياة بكامل تفاصيلها، ولا حداثة عبدالله الغذامي وإخراجها المجتمع السعودي من دائرة التقليد إلى فضاءات التجديد. BaderbinSaud@