يوماً تلو الآخر، تتكشف أبعاد المؤامرة القطرية الخبيثة في دعم جماعات التطرف والإرهاب بجميع أنحاء العالم، سواء بطريقة مباشرة بالإيواء والدعم المادي، أو بطريقة غير مباشرة من خلال عمليات التجسس على كبار السياسيين، وتجنيد مشاهير المحللين والإعلاميين للترويج لممارسات الدوحة الإرهابية وآخرها فضيحة تجنيد بيتر بيرغن محلل قنوات "سي إن إن" الأميركية في العمل كحلقة وصل قطرية مع تنظيم القاعدة الإرهابي، والترويج لأيدولوجيات الدوحة المتطرفة. وبيتر بيرغن هو صحفي أميركي يعرف نفسه بأنه صانع أفلام وثائقية ومحلل الأمن القومي بشبكة "سي إن إن" الأميركية، وهو زائر منتظم لإمارة قطر، ودائماً ما يحاول التقريب بينها وبين واشنطن في كتاباته، ويحاضر عادة بصفته موظف في "سي إن إن" في مؤسسات ممولة قطرياً مثل جامعة جورج تاون فرع قطر، والمنتديات القطرية، كما أنه أستاذ في جامعة ولاية أريزونا، التي تعد من بين أكبر المستفيدين من التمويل القطري للجامعات الأميركية. استطاع تنظيم الحمدين أن يلبس بيرغن منذ منتصف التسعينات، ثوب الصحافي المغامر في وقت سهل له الالتقاء بزعيم القاعدة أسامة بن لادن وأمّن له الدخول والخروج السلس من أفغانستان؛ من أجل الترويج لفكر تنظيم القاعدة في العالم، على غرار ما فعلته الدوحة مع الإعلامي المصري يسري فودة في تسهيل لقائه ببن لادن في أفغانستان. وبالفعل نجح بيرغن في أداء مهمته المكلف بها من الدوحة في جعل تنظيم القاعدة وزعيمه السابق أسامة بن لادن الشغل الشاغل بالإعلام الدولي، والزعم زيفا بأن التنظيم يمثل الجهاد الإسلامي، حيث ألف سبعة كتب عن التنظيم المتطرف وبن لادن، منها: "أسامة بن لادن الذي أعرفه: تاريخ شفهي لزعيم القاعدة، والولاياتالمتحدة الجهادية، وأطول حرب: ديمومة الصراع بين أميركا والقاعدة"؛ وحققت بعض كتبه انتشاراً كبيراً ضمن قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً، وبعضها تُرجم إلى 20 لغة؛ الأمر الذي يوثق نجاح الدور السري الذي لعبه بيرغن كحلقة وصل بين قطر والقاعدة من أجل الترويج لأفكار التنظيم في العالم. كما تسعى قطر لاستغلال بيرغن ومن على شاكلته من عملائها السريين في أميركا في تمرير الرغبة القطرية في إعادة الانتشار بأفغانستان مع استمرار الانسحاب الأميركي منها، ومن ثم إعادة نشر الخطط القطرية في توطين المليشيات المتطرفة، وعناصر تنظيم الإخوان الهاربين من بلادهم في أفغانستان؛ من أجل إعادة دورة حياة الإرهاب. في غضون ذلك، عاد إلى الواجهة ملف العلاقة بين الدوحة وتنظيم القاعدة الذي يؤكد دور بيرغن كأداة قطرية لدعم القاعدة إعلامياً، وذلك بعد قرار الولاياتالمتحدة بتخصيص مكافأة مادية بقيمة مليون دولار للقبض على حمزة بن لادن نجل أسامة بن لادن على خليفة دعوته لشن هجمات ضد أمريكا ثأراً لمقتل والده. ووثقت مذكرات زعيم القاعدة السابق المعروف باسم مذكرات "آبوت آباد" التي كتبها بخط يده قبل مقتله في عملية أميركية استهدفت معقله بباكستان عام 2011، عن تقديمه نصائح لنجله حمزة بالتوجه إلى قطر والوثوق والعيش فيها، كما كشفت الوثائق عن وثوق زعيم القاعدة السابق في قناة "الجزيرة" القطرية، وأنه كان يعتبرها حليفاً لتنظيمه، والوسيلة الإعلامية الوحيدة التي يستطيع بها تمرير وتنفيذ أفكاره. لكن ثمة مهمة جديدة أوكلتها قطر في الآونة الأخيرة إلى بيرغن بعد مقاطعتها من قبل دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب، فحواها أن يعمل بيرغن كبوق إعلامية تروج بروباجندا توالي قطر بشكل فاضح فيما يتعلق بقضايا المنطقة العربية، ومحاولة إظهار الدوحة على أنها الحليف الأمثل للولايات المتحدة، والتغطية على ممارستها الداعمة لتيارات التطرف والإرهاب. ويأتي توجه الدوحة نحو استخدام بيرغن، ومحاولة السيطرة على الرأي العام الأمريكي بسبب الحالة الهيسترية والانفصامية التي يعاني منها تنظيم الحمدين مدفوعاً بعناد وعنجهية جعلته يسقط عربياً ودولياً، ويضع بلاده بين براثن أطراف إقليمية تحمل أهدافاً توسعية ضد المنطقة وعلى رأسها إيران وتركيا وتنظيم الإخوان المطرود والمنبوذ عربياً. ومن هنا، لم يعترف التنظيم القطري بأخطائه فسعى عوضاً عن ذلك في شراء ولاء بيتر بيرغن ومن على شاكلته من بعض الإعلاميين الأميركيين البارزين، وضخ عشرات الملايين من الدولارات لإبرام 22 اتفاقاً جديداً خلال العام الماضي، مع شركات العلاقات العامة والمحاماة الأميركية؛ من أجل محاولة تحسين صور النظام القطري في الداخل الأميركي، في وقت يهيئ له خياله أنه من الممكن أن يحذوا حذو اللوبي الصهيوني الداعم لإسرائيل في أميركا؛ بيد أن الحقيقة التي كشفتها مجلة "كونسيرفتف ريفيو" نسفت الخبث القطري، ووثقت تورط عملائه في شبكة "سي إن إن" بالعمالة لصالح الدوحة، والدعاية لها بشكل لا يمكن للمشاهد العادي اكتشافه. فعلى غرار بيتر بيرغن جاء العديد من عملاء قطر بمهام متنوعة، بينهم "جولييت كايم"، محللة في الأمن القومي، وهي أيضاً عضو في مجلس إدارة المركز الدولي للأمن الرياضي المنظمة تسيطر عليها الدوحة لضمان وتأمين عرض قطر لكأس العالم 2022، ومهدي حسن الذي يعمل في شبكة "سي إن إن" والجزيرة الناطقة بالإنجليزية، وعلي صوفان المدير التنفيذي لأكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية، ومقره في الدوحة بتمويل من النظام القطري. المعلومات التي كشفتها مجلة "كونسيرفتف ريفيو" أخرجت ترامب جونيور نجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن صمته، ليصرح بأن صُدم بعد معرفته العلاقة بين قطر وقناة "سي إن إن"، مؤكداً: "أغلب محللي الأمن القومي الأميركي العاملين في شبكة سي إن إن يرتبطون بعلاقات غير معلنة مع النظام القطري القمعي". وأضاف في تعليقه على المعلومات: "إن الأمر أصبح مكشوفاً الآن وأن هناك مصالح كبرى". ويبدو أن القادم بالنسبة للنظام القطري أصبح مخيفاً ومزعجاً، فإصراره على دعم الإرهاب وصناعة الكذب والخداع، والاستهانة بالعقول، ونشر الفوضى؛ أدى إلى تكبيده خسائر فادحة، وخسران ثقة الشارع العربي ونظيره الغربي، واتساع رقعة المطالبين بمحاكمته دولياً على جرائمه بحق الإنسانية.