ظهر في الوقت الحالي مصطلح جديد اسمه ( الكورونوفوبيا) وهو لا يبتعد كثيراً عن (الإسلاموفوبيا) أو الفوبيات المجتمعية المشابهة، وما يرتبط بها من وصم اجتماعي وتمييز عرقي خصوصا ضد الصينيين، وقد بدأت الدول الغربية بإعلان الحرب الإعلامية على الصين منذ الأيام الأولى لفيروس كورونا، وكان هذا عن طريق وصفها بأنها (رجل آسيا المريض) وإطلاق تسمية (الفيروس الصيني) على كورونا، أو أنه سلاح بيولوجي طورته الصين لمواجهة أمريكا، علاوة على التسويق لفكرة أن كورونا لا يخرج عن كونه مؤامرة سياسية لإنقاذ الاقتصاد الصيني، ولتمكين الحكومة الصينية من الاستحواذ على الأسهم الغربية في شركات التقنية الصينية وبمبالغ زهيدة. أكثر من مئة دولة حول العالم وضعت قيوداً على نشر أخبار كورونا، وبعضها قام بإخضاع الأخبارلاختبارات سيكولوجية لتحييد آثارها السلبية على الناس، فالأزمات الوبائية والكوارث بأنواعها تغير في معتقدات وقيم المجتمعات بشكل كبير، فقد زادت نسبة التدين بين الأمريكيين بعد أحداث 11 سبتمبر إلى 70 %، وكانت قبلها متوقفة عند 40 في المئة، وبسبب كورونا ارتفع إقبال الصينيين على الطب الشعبي بنسبة 80 %. الإعلام بأشكاله المختلفة لعب دوراً مهماً ومحورياً في أزمة كورونا، وقد وصفته مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد بيل كلينتون، بالعضو رقم ستة في الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، وتوجد في أمريكا (وحدة للتأثير الاستراتيجي) تدار بمعرفة البيت الأبيض والاستخبارات الأمريكية، وتقوم بإبراز المحتويات الإخبارية التي تتوافق مع توجهات السياسة الأمريكية، ومن ثم تنشرها بين أهل الصحافة والإعلام حول العالم أو في منطقة مستهدفة، ووفق أسلوب يركزعلى الجانب النفسي ويهتم بمسارات إخبارية معينة ويتجاهل أو يشوه غيرها. المنطقة العربية تستقبل معظم أخبارها أو ما نسبته 85 % من أربع وكالات أجنبية معروفة، وهذه الوكالات تصنع أولوياتنا الإخبارية، وتستطيع تشكيل الرأي العام العربي وتوجيهه، والبقية تأتي من الدولة نفسها أو من مصادر غير عربية، ولو كانت الصين تسيطر على هذه الوكالات لظهر إنجازها في مكافحة الفيروس وكأنه إعجاز، ولما تسيدت أوروبا وأمريكا المشهد رغم إخفاقاتهما المدوية. بالتالي فالدول العربية والخليجية مطالبة بتأسيس ماكينة إعلامية ووكالات خاصة بمواصفات عالمية لخدمة مصالحها، والعملية ليست سهلة وتحتاج لتراكم معرفي وبناء خبرات وسمعة دولية، ولكنها مفيدة، على المدى القصير، في توجيه الملفات الصغيرة والداخلية والتحكم في مسارها الإقليمي والدولي، أو أن تستحوذ على حصص مؤثرة في وكالات من نوع رويترز ويونايتد برس وفرانس برس، والأخيرة مفعولها مضمون وسريع نسبياً في نتائجه، والمملكة أقدر عليها لأنها تسيطرعلى 90 % من سوق الإعلان والإعلام العربي، ولديها القدرة المالية والمهنية على التحرك منفردة.