بعد يومين فقط من التفجيرات القوية التي دمرت ميناء بيروت، ظهر الرئيس الفرنسي يوم زيارته للبنان الخميس الماضي وكأنه المنقذ لبلد الأرز. فبعد تلك الزيارة ودعوته لعقد مؤتمر للمانحين في باريس أمس، لم يسلم الرئيس الفرنسي من الانتقادات التي باتت تلاحقه، رغم مساعيه في تبرير ذلك بأن لبنان بحاجة لتحرك كل رؤساء الدول من أجل إنقاذ الشعب اللبناني. وجاءت تحذيرات ماكرون في كلمته التي ألقاها أمام المؤتمر من أن الفوضى في لبنان ستؤثر على المنطقة كرسالة واضحة بأن ترك لبنان يغرق يعني غرق المنطقة برمتها.ماكرون ورغم ما حمله من إنسانية للبنانيين، إلا أنه عرّض نفسه لكثير من الانتقادات، خاصة بعد انتشار عريضة وقعها أكثر من 50 ألف لبناني، يطالبون بوضع لبنان تحت «الانتداب الفرنسي للسنوات العشر القادمة»، ورغم أن المصادر الرسمية لم تؤكد صحة هذه العريضة إلا أن السؤال ما زال مطروحا، هل يسمح القانون الدولي بذلك. وماذا يعني ذلك سياسيا؟ فبعد 5 أيام من الانفجار المزدوج في بيروت اجتمع المانحون الرئيسيون والمنظمات الدولية عن طريق الفيديو من أجل التحضير لإعادة إعمار بيروت في تحرك فرنسي باركه البعض واعتبره الآخرون صورة لفرض الوصاية الفرنسية على لبنان، رافقه امتعاض مما وصل إليه لبنان من فساد أودى بحياة اللبنانيين. وهو ما لفت إليه المختص في شؤون الشرق الأوسط أونطوني بيلاونجار، الذي قال ل«عكاظ»، «إن ماكرون يبحث عن اللحظة الميتيرانية، وهو يعيد للأذهان ما قام به فرانسوا ميتران، عندما ذهب في 1992 لنجدة سراييفو، وفتح جسر مساعدات لها فقط لكونه أول رئيس دولة يدخل بلدا تمزقه الحروب مثل سراييفو. وفي تقليد الجمهورية الخامسة، على رأي بيلاونجار، أن كل رئيس للجمهورية يتولى كرسي الإليزيه، يحاول تسجيل حضوره في الأزمات الخارجية. لذلك وجد ماكرون أن الوقت مهم وأن ما وقع في لبنان أيضا يستدعي التحرك لحشد المساعدات لهذا البلد المنهار اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ولكنه أيضا تحرك دبلوماسي يخدم ولايته، وحملته القادمة». في حين اعتبر آخرون أن مبادرة ماكرون، سواء بالنسبة لزيارته لبيروت أو دعوته لعقد مؤتمر المانحين، هو تحرك منطقي وإستراتيجي، كون لبنان هو صديق مقرب جدا لفرنسا، بالإضافة لوجود أكثر من 220 ألف لبناني بفرنسا.