يُقصد بهذا المصطلح العملاء والخونة في داخل الوطن الذين يقومون بأنشطة تنطوي على أعمال تخريب أو تضليل أو تجسس، يُنفذها هؤلاء المندسون الذين يلبسون ثوب الوطنية غير أنهم عملاء مؤيدون لقوى خارجية. لقد ظهر هذا المصطلح وأصبح متداولاً في أدبيات العلوم السياسية منذ الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936، عندما سُئل أحد القادة الإسبان واسمه «إيميلو مولا» أثناء مؤتمر صحفي مع صحفيين أجانب: أي الطوابير الأربعة التي يتكوّن منها جيشه سيفتح مدريد؟ فأجاب «إيميلو مولا» قائلًا: إنّ الذي سيفتح مدريد هو «الطابور الخامس». وهو يقصد العملاء الذين كانوا يتغلغلون بين سكان مدريد. سعد الجبري وزير الدولة السابق في وزارة الداخلية هو مثال صارخ وصريح للطابور الخامس الذي يتغلغل في الدولة ومؤسساتها، ويستغل منصبه والثقة التي أوليها لتحقيق مكاسب مالية، والعمل على ضرب النسيج الوطني وإذكاء روح الفتنة. سعد الجبري ماهو إلا أنموذج من نماذج هؤلاء الخونة المندسين وأصحاب الأجندات الخفية، وهناك أنواع عديدة من الطابور الخامس يجب الحذر منهم، كمروجي الإشاعات، والمسؤولين الذين يخالفون الأنظمة ويتجاوزونها ويتسببون في ظلم العباد. والمسؤول الساكت عن الحق، الذي لا يحرص على الرفع بحقيقة الأمر لولاة الأمر. والجاهل الذي يتولى منصباً ويعلم أنه ليس بأهل للمنصب ولا يعتذر عن الوظيفة. الطابور الخامس يشمل كل من يُقصر في واجبه الوظيفي، ولا يستشعر بالمواطن، ولا يعمل على خدمته. الطابور الخامس يشمل كل من يستغل سلطاته ويتجبر على الخلق والناس ولا يتجاوب لشكواهم. سقطت بغداد في يد المغول بسبب الوزير مؤيد الدين بن العلقمي غير الكفؤ، لذا من الضروري أن نستفيد من هذا الدرس، ونعرف الأسباب والمسببات التي تؤدي إلى جعل أفراد الطابور الخامس في سدة المسؤولية. معاقبة المجرم ليس الحل للمشكلة لأنه لا يقضي على أسباب المشكلة، والحل يكمن في تجنب المُسببات التي تجعل مثل تلك الأنواع من البشر والمخربين والمنتفعين على رؤوس العباد وفي أعلى المناصب؛ فلا للضعفاء، ولا للمقصرين، ولا للمتجاوزين.