رغم كل ما يحدث في الحياة فنحن لدينا الرغبة والقدرة على التعلم وخوض التجارب الصعبة والبسيطة؛ لنحمي أنفسنا من المستقبل الذي يحتاج فيه الإنسان إلى أن ينسجم مع كل متغيراته وتقلباته، دون أن يتراجع عن أحلامه وطموحاته، فالحياة الطبيعية تقف بين الأشياء الجيدة والأحداث المؤلمة والمزعجة وسبل التعامل مع كل الظروف مهما كانت درجة صعوبتها، والإنسان بحالته الطبيعية يعيش بالأمل والطموح، ويبحث عن الشخصية التي تليق به، وعادة هذه الشخصية تحضر مع العمل، ونوعه، ودرجة أهميته للبشر، من هذا التصور يعيش الإنسان في الحياة لأن يصنع لنفسه وللمجتمعات أحداثًا جديدةً وأفكارًا مختلفةً ومتطورة. كل الأزمات التي مرَّت في هذا العالم كانت لها ظروفها التي تميزها، وكانت قدرة الإنسان المرتبطة بالدعاء تتفوق رغم الخسائر الكبيرة، التي كانت تحدث وتبقى آثارها لسنواتٍ طويلة، لكن في النهاية تنتهي الأزمة، ومع مرور السنوات تحضر أزمةٌ أخرى؛ لذا نجد أن الذاكرة البشرية تنشط حين نواجه الأزمات؛ لأننا نبحث عن خبراتٍ معينةٍ تساعد البشر على تجاوز المحن. ومن الطبيعي جدًّا أن يقف الناس مع بعضهم بعضا حين يشعرون بأن الأزمة تهدد حياتهم ولن تستثني أحدًا؛ لذا نجد الترابط المرتبط بالأزمات هو الأصدق في حياة البشر، ومن هذا المنطلق يصبح أمر السيطرة على أيِّ أزمةٍ واردًا بشكلٍ كبيرٍ بعيدًا عن الديانات أو العرقية أو التصنيفات الطبقية بين الناس، وهذه الأشياء تختفي تمامًا؛ لأن الأمر متعلقٌ بحياة البشر. إن الحكومات في كل العالم تشارك الناس مشاكلهم وتساعدهم على حلِّها بتوفير كل ما يلزم، وهذا يعني أن هناك نسب نجاحٍ وفشلٍ متفاوتة بين الحكومات التي تحكم العالم وتطبق الأنظمة فيه، وهذا الأمر عادةً يظهر من خلال العمل المرتبط بنوع الأزمة والتدابير المتخذة لتجاوزها، وفي النهاية لن تكون النتائج سريةً، بل ستظهر جليةً للناس، كما يحدث الآن في السعودية، بعد أن قدمت حكومتها كل الأشياء المتاحة؛ لكي لا يتضرر شعب المملكة والمقيمون فيها من جائحة كورونا، فعلى الصعيد الصحي قدمت كل الإجراءات الصحية المفترضة لإيقاف انتشار هذا الوباء. وعلى الصعيد الاقتصادي أيضًا عملت على ألا يحدث أي خللٍ في المنظومة الاقتصادية للقطاع الخاص في الدولة، فقامت بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتحفظ لتلك الاستثمارات استقرارها، وأيضًا دعمت الأفراد العاملين في القطاع الخاص حتى لا تتأثر حياتهم الأسرية. لذا من المهمِّ أن نعرف أن دور الدولة بشكلٍ عامٍّ يظهر وقت الأزمات، هذا الدور مرتبطٌ بقوة القرار ونوعه والهدف منه حسب الأولويات المفترضة متى ما كان الضرر كبيرًا، ففي السعودية دائمًا الأولوية للإنسان. وقريبًا سينتهي كل شيء، ومن المهم أن نفهم ونستوعب تفاصيل ما حدث، وما الأشياء التي قدِّمت لحماية البشر، ثم نقيم العمل، لنقدم للتاريخ حكايةً جديدةً من كفاح الإنسان من أجل الحياة. دمتم بخير...