يعيش سكان العالم اليوم أوقاتاً عصيبة بسبب انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي رفع مستوى القلق لدى كثير من الأفراد والأسر، وغيّر مجرى حياة الملايين من البشر حول العالم ووضعهم تحت ضغط غير مسبوق، والشعور بالقلق من متابعة الأخبار أمر مفهوم ولكنه قد يؤدي إلى تدهور أي مشكلات نفسية موجودة بالفعل، وهذا مما دعا منظمة الصحة العالمية لإصدار توصياتها حول كيفية حماية الصحة العقلية في ظل تفشي فيروس كورونا. القلق أمر شديد الخصوصية لدرجة أنه يصعب تحديد نوعه، فإن لكل نوع من أنواعه طريقة خاصة للعلاج سواء الدوائي أو السلوكي، ولكن هناك أربع مراحل أساسية يمكن اتباعها لتبديد القلق، لا سيما في ظل الأزمات التي يمر بها الإنسان، ومنها ما يعيشه العالم اليوم من جائحة بسب الوباء الفتاك. ففي البداية لابد من (التعرف على مصدر القلق)؛ فكما قيل: "إذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك، فلا داعي للخوف من نتيجة مئات المعارك"، من هنا فإن الخطوة الأولى للتحكم في القلق هي التعرف على ما يحدث من حولنا بدلاً من تجاهله وترك الأزمة تتفاقم، ومن ثم تسيطر علينا، إذاً على الفرد ملاحظة القلق بمجرد أن يشعر بضجيج في قلبه، أو دوران في الدماغ، وعند هذه النقطة؛ يدفع إدراك الشعور بالقلق إلى السيطرة عليه بدلاً من مواجهة تهديد غير معروف يستنزف القدرات العقلية والنفسية والجسدية. المرحلة الثانية هي القناعة بأن (المواجهة توفر الراحة)؛ فبمجرد تحديد ملامح القلق فقد حان الوقت لوضع خطة للهجوم، ورغم أننا نميل إلى الركون إزاء الأشياء التي نخافها، فإن هناك فوائد طويلة المدى لاتخاذ خطوات ملموسة تجاه ما نخشاه، سواء على عواطفنا أو تصرفاتنا، لذا ينصح الخبراء بعدم تأجيل التعامل مع الأزمات، إذ إن ذلك قد يعزز القلق أكثر فأكثر لدى الناس، مما يضعهم في مواقف قد يكون من الصعب إيجاد حلول لها أو التراجع عنها مع الوقت. في المرحلة الثالثة (ممارسة طرق للتهدئة)؛ أي تهدئة العقل من أجل العمل بأفضل كفاءة ممكنة للسيطرة على القلق، وينصح هنا بالتركيز على استجماع القوى الجسدية من خلال السيطرة على الأحاسيس الداخلية، مثل ضبط التنفس، الذي يساعد على إيقاف تشغيل الدوائر العصبية التي عادة ما ترفع منسوب القلق لدى الإنسان، مما يؤدي إلى شعور عام بالهدوء. وفي نهاية المطاف (كن واقعياً مع نفسك)؛ فالقلق جزء لا مفر منه من الحياة، وبغض النظر عن مدى صعوبة محاولة "اختراق" هذا العَرَض، فإنه لا يزال من المحتمل أن يتسرب إليك، فالتغلب على القلق ليس شيئاً هيناً، بل يجب الاعتراف به وإدارته، ومن هنا لا بد أن تكون واقعياً بشأن دور القلق في حياتك وتجنب نفسك الركون إليه إذا ما أصابك.