عندما تعرض بوروسيا دورتموند في عام 2003 لأزمة مالية كبيرة وضعته قاب قوسين أو أدنى من إعلان إفلاسه وهبوطه للدرجة الثانية، لم ينقذه سوى جماهيره التي اجتمعت بالآلاف ومنعت بيع النادي وبدأت حملات للتبرع ودشّنت حملة لشراء القمصان والأوشحة الرسمية من متاجر النادي وشراء عدد هائل من التذاكر الموسمية، تلك الوقفة الجماهيرية دعمت خزينة النادي بملايين اليوروهات وأعادته للطريق الصحيح. نموذج يجعلنا نتساءل عن جماهيرية الأندية السعودية وعن مدى تأثيرها الفعلي كمشجعين حقيقيين يشعرون بالانتماء للأندية، فكثير من المباريات في الدوري تظهر بمدرجاتٍ لا يتجاوز حضورها خمسة آلاف مشجع في المباراة الواحدة، ذلك رغم الحوافز التي تقدمها الهيئة العامة للرياضة في كل مباراة، وهي حوافز متميزة بالنظر لقيمتها. وبالإضافة إلى الدعم الكبير والسخي لميزانيات الأندية من خلال الاستراتيجية التي وضعتها الهيئة منحت من خلالها دعماً مشروطاً بالحضور وأعطت الأندية فرصة أخرى في صنع تجربة مميزة للجماهير الحاضرة للمباريات بالفعاليات المصاحبة. ومع كل ذلك الدعم المشروط وغير المشروط تقف الأندية متفرجةً دون استغلال أمثل لذلك الدعم في وقت هي أحوج فيه لجماهيرها وتأثيرها.. تحتاج أنديتنا بشدة لخطوات جادة تعتمد فيها على استحداث برامج «صناعة الولاء» وفق إستراتيجيات تصنع قاعدة جديدة لها؛ إما باستثمار نجومها وانجذاب الجمهور لها وإما باستغلال المناطقية، فخريطة توزيع الأندية في المملكة وحضور أندية المناطق في الدوري متنوعة وجعل الأندية تخرج فيها من عباءة النخبوية للمجتمع فتكون متنفساً ومتنزهاً للعائلات قبل الأفراد مع التأكيد أن خروج نجوم الأندية للمدارس والمحافل المجتمعية والمشاركة بها يساهم في صنع ذلك الولاء فشريحة كبيرة من المشجعين من صغار السن ستساهم في برامج صنع الولاء في جذبهم وتوجيه ميولهم من الأندية الكبيرة لأندية مدنهم ومناطقهم. أما الأندية الكبيرة والجماهيرية فطريقها أسهل في صنع الولاء لكنها تحتاج لوضع خطط عملية لتعميق ذلك الولاء، فالقادر على الوصول إلى أفكار الجماهير ومخاطبة دواخلهم هو القادر على جذب تلك الجماهير. أخيراً.. محبو كرة القدم في السعودية وعشاقها مضرب مثل في المنطقة، لذلك هم ثروة يجب أن نحسن استثمارها والتعامل معها.