يرتبط الانتحار لدى الكثير من العامة بالضغوط، فعندما نسمع بشخص أقدم على الانتحار يتبادر إلى الذهن إصابته بمرض نفسي أو معاناته من البطالة أو من ضائقة مالية أو من مشكلات اجتماعية لم يستطع معها المقاومة والتحمل، ونجد صعوبة في استيعاب بأن طفلا يقدم على الانتحار، فالصورة الذهنية عن الطفولة بأنها مرحلة خالية من الضغوط تتسم باللعب والبراءة فتساورنا الشكوك في صحة خبر يتصدر وسائل الإعلام عن انتحار طفل أو نحاول البحث عن شماعة أخرى لسبب الوفاة حتى نتخلص من التوتر والقلق اللذين ينتابانا عند سماع مثل هذه الأخبار. في الفترة الأخيرة تداولت وسائل الإعلام عدة أخبار متعلقة بانتحار الأطفال وربطها ببعض الألعاب الإلكترونية كالحوت الأزرق وغير ذلك، وعلما بأن هذه الألعاب يمارسها أطفالنا عن طريق الإنترنت مع آخرين في مختلف أنحاء العالم وبالتأكيد لها مضارها النفسية والتربوية، ولكن لو كانت طبيعة اللعبة تصل بالطفل إلى الانتحار لحاولت المنظمات العالمية إيقافها والتحذير منها وحجبها، وهنالك الكثير من المحاولات لابتزاز الأطفال عن طريق هذه الألعاب بعد تقديم المغريات لهم المتعلقة بتلك الألعاب، كما تحدثت العديد من الدراسات عن تزايد التنمر الإلكتروني وارتفاع نسبته، وهذا لا يعني منع الأطفال التام من استخدام تلك الألعاب لما في ذلك من عواقب سلبية، فالمنع أسهل الطرق للتعامل مع المشكلة ولكن ليس أفضلها. ووجدت الدراسات في السنوات الأخيرة للأسف الشديد ارتفاعا ملحوظا في نسبة انتحار الأطفال، وأظهرت دراسات عديدة علاقة ما بين زيادة في انتحار الأعمار ما بين 12 -18 عاما مع زيادة وقت متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، والملفت للنظر في إحدى الدراسات أن 50% من أهالي الأطفال والمراهقين الذين حاولوا الانتحار لم يكونوا يتوقعون تلك المحاولة. وربما نحاول تطمين أنفسنا بأن هذه الدراسات لدى الغرب ولا تنطبق علينا، ولا أجد في هذا الرد سوى محاولة لإبعاد التوتر والقلق وتجاهل المشكلة ما قد يؤدي إلى تفاقمها، وفي دراسة أمريكية حديثة على أكثر من 11 ألف طفل وجدت بأن 6.4% لديهم أفكار انتحارية غير نشطة، و2.4% لديهم أفكار انتحارية نشطة، و1.3% محاولات انتحار سابقة، و9.1% لديهم أفكار إيذاء ليست انتحارية، كما حاولت الدراسة البحث عن أكثر العوامل المرتبطة بالأفكار الانتحارية لدى الأطفال فوجدت بأن المشكلات العائلية وضعف رقابة الوالدين هما الأعلى، ولذلك من الضروري جدا الاهتمام بعلاقتنا بأطفالنا وجودتها وعدم تجاهل المشكلة حتى لا تتزايد لدينا مستقبلا أخبار انتحار بسبب لعبة. alaqeelme@