ها نحن نقترب من الثلاثين عاماً لتجربتنا الطويلة الممتدة منذ ذهبنا نحو الورشة المسرحية التي قمنا بتأسيسها في الطائف، ناضلنا من أجلها كثيراً، كان المسرح لدينا تجربة وعي وثقافة وفكر وعمل لمشروع كبير مضت عليه سنوات طويلة وهو ما زال متمسكاً بالحلم الكبير، الذي انطلقنا منه نحو مسرح جاد وفاعل ومتفاعل وحصدنا ما يقارب 70 جائزة محلياً وعربياً ودولياً في التأليف والإخراج والتمثيل والسينوغرافيا، كانت تجربة متكاملة يدعم بعضها بعضاً وهي في مجموعها تذهب للمشروع المسرحي الذي يحرص على ثقافة المسرح كفعل وعمل، وبالتالي كان حديث المنجزات والجوائز نتاج لحالة العمل المتواصل، الذي لم تتوقف فكرته ومشروعه عن عملها يوماً واحداً، كنا نعمل ونعمل ونعمل. استطعنا في تجربتنا أن نؤسس لتجربة مسرحية متفردة خرجت من نطاقها المحلي لعالمنا العربي، وكنا نرسخ قيم التجربة ونؤصل لها عمقاً يليق بوعي الحاضرين بها والعابرين عليها، وكانت تجربتي تتصل بتجربة أحمد الأحمري، عبدالعزيز عسيري، مساعد الزهراني، سامي الزهراني، محمد بكر، جميل عسيري، فهد الغامدي، إبراهيم عسيري، جمعان الذويبي، ومشعل الثبيتي، ومن جاء بعد هؤلاء من أجيال المشروع، كان للتجربة ملامح وسمات ونضال طويل مع ظروف كثيرة، قاومنا من أجل المشروع وحفرنا في صخر أجمل عبارات الإنجاز. أعلم يا أصدقائي كم كان حجم التضحيات والعمل، فليس من شيء يتحقق دون عمل ومشروع نعمل عليه وإيمان بفكره، دون تضحية بالكثير من أجل تحقيق الهدف، كنا نذهب دوماً نحو المشروع وتجربة أدواته ووضع قيم له، كان يبدو الأمر عسيراً عندما تأتي بالمختلف وكان استيعاب المختلف ليس سهلاً، لكننا خضنا تجارب صعبة وأخلصنا في دعم المشروع والإضافة عليه بشكل مستمر. اليوم وتباشير الخير تلوح في الأفق لا أحد يهتم بهذه التجربة، ويسعى لنقاشها والبحث فيها والإفادة منها، وكأن هناك من يريد تهميشها أو تهشيمها، لا فرق كبير بينهما، ولكن لا ضير في ذلك يا أصدقائي، ستتواصل تجربتنا، وسنسعى لمن كان مؤمناً بها، ولن نهتم بغير عملنا وتجربتنا، بعدما ننسى أن هناك من يجب أن يهتم و«في عز الكلام سكت الكلام».