سمع العريفة غلبة. ظهر من فوق الجناح إلا وأن (غنيم) متعلّق في رقبة (غانم). صاح عليه: أعقب أعقب. فكّ الرجال خنقتاه. عيونه بتخرج، ففكّ يده، وبدأ غانم يتندّر: أندر لي في الجلّة إن كان إنك ولد أمك وأبوك. رفع نظره إلى العريفة وقال: لهواني عن بناء بيتي ويتندّرني، وحشمتك فكّيته. أعطاها المسبولة. ودنّق يتلقط حصى. فأقسم العريفة لتحفد بقعا الليلة. التقط مشعابه ونزل. استحب غنيم إلى طرف الأرض وعرف منه أنه منعه يبني. فيما كان غانم معطيهم مقفاه ويتوعّد. يخط بإصبعه في التراب ويضعه في وجهه مردداً هذي رُقمة حُمم لاشرب من دمك. ناداه العريفة وأقسم ليعوّد. عاد وجلس فوق صخرة وسأل: وش تبغي، وأنت تجامل ربع الرجال اللي جنبك، يتعدى الحد بيننا ولا تردعه عشان أنه يتعطوى لك، ولكن ما عليه. لكل عين دواها عندي. المرود جاهز إن تيسرت المُكحلة. صاح غنيم يا عريفة هذا مفتّح أذنه اللي كما المحقن لمن يحرّشه عليّه. كلما شافني سارح والا رايح، هابط والا صادر اعترضني وأنا تراني أحشّمك واستحي من عمري. نطّ الفقيه فوق حجيرة المسيد وقال: اعلمني يا غنيم الساقط الباقط من يحرشّه. أنت راعي فتن في القرية وتدورّ الشر. ووالله وعليها والله ما تحط لزّه مع لزّه وراسي يشم الهوى. ثم ظهر المؤذن من الجهة الشرقية يتمسوك وسأل غنيم: من اللي أوزاك تجي تبني في الرباع. أجابه: حقي وأنا دونه. فوضع يده على لحيته وبدأ يحلف: ما لك فيها شيء. أخذهم العريفة إلى البيت، وتناول المنفاخ، وبدأ ينفخ الجمر البايت. وفوقه قُشاش. فضكّت الداخنة، وبدأت عيونهم تدمّع. صاحوا: فيه أعميتانا. ولّع النار، وسنّع الدلة المحوجة. قرب منهم وصبّ لهم، وقال اسمعوا يا بني (دُبي حلم واقرب هلم) الرجّال بيبني بيته. وأنت يا فقيه تجيب الحصى له على جملك ولك كل نهار ريال. وأنت يا مؤذن تؤمن له خشب السقف من العرعر بستة ريال. رددوا بصوت واحد «عليها بنينا. قالها الرشيد». علمي وسلامتكم.