خرج (سافر) من المسيد بعد أدائه صلاة الفجر جماعة. شاف ابن عمه الشقيق (سفران) يتفق مع راعي سانية ليسرح يحرث له ركيب السدّ المسقوي. سأل راعي الثيران: وش يبغي بك سفران فأعلّمه الخبر. توجه لابن عمه متسائلاً: بتحرث؟ وش بتثبّي؟ أجابه بغيظ: وش عليك منّي؟ فأقسم سافر ما يُحُطّ خُط مع خُطّ إلا بعد ما ينتهي هو من حرث بلاده وقبض كف صاحب الثيران وافلح به وابن عمه يتلمح بعين الحسرة. مردداً: يا الله صباح خير. وهو صاعد للعالية سمعته زوجته يقول «يا من بلي وصبر». سألته: وشبك يا رجّال تزرم من صُبح ربي. شكا عليها مما قال أخوها، وسألها: كيف أسوي بالأقشر هذا؟ انتي عندي، واختي تحت بطنه. وما كني أنا وإياه ربينا في بيت واحد، وكان أبي يشقى ويتعب أكثر من أبوه، ويجمع الدراهم ويحطها في إيد عمي وهو الصغير وأبي الكبير، وآخرتها واقف كما لقمة الحمط في الحلق. هوّنت عليه، وقالت: أخصرك منه، وافلح عند خالي (شنّان) يعطيك الحمار وتعالني به. فكّت الثور من مربطه، وأسقته ماء بملح، ووضعت قدامه قفة علف، سرحت هي وسفران، فحرثوا، وزرعوا بطاطسهم وجزرهم، وعندما عَلِم سافر انعمى. واجه أخته في الطريق، وقال: الدوا عندي يا حلّالة العُقد تكايديني إنتي والقِلح اللي ما كان يقصع قمله إلا أنا. مرّت شهور، فطلب (سفران) من (سافر) يسرّح معه عياله يقلعون الجزر والبطاطس، ردّ عليه: ما انحن بسامهين، زي ما تشوف عينك اللوز محقل نبغي نجنيه، والعنب بيزبّب في أمهاته، والخريف يحدانا بالنجدية اللي نشّفت أرياقنا، فكّ عنا في سعة الله وخلّ قلاع جزرك لين نفضى. قال له: يا ولد عمي إذا أحوى جزري في الركيب بيعظّم والله ما حد يسومه بمتليكه. والبطاطس بتحقل ويفلح تعبي بلاش دخيلك خلنا نتقسّم العيال بيننا وايد مع ايد تنفع. علّق: إنت مِن عقلك، يخلون شغلنا ويشتغلون في حلال الناس، وسأله: من بيقعد منحني من صبح إلى العشي يلقط لك الجزر والبطاطس؟ للحديث بقية...وسلامتكم.