لن تكون زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المرتقبة إلى السعودية غدا (الإثنين) عادية بكل المعايير، سواء من حيث التوقيت الحساس الذي تمر به المنطقة، أو من حيث المستجدات الطارئة الأكثر خطورة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، إذ يتوقع أن تحدد القمة السعودية الروسية التي ستعقد بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس بوتين ملامح الشراكة الإستراتيجية بين الرياض وموسكو لعقود طويلة، فضلا عن إرساء قواعد الأمن والسلام في الشرق الأوسط، والحيلولة دون توسيع أزمات المنطقة، وسرعة إيجاد حلول عادلة لها، إلى جانب تعزيز الأمن والسلم العالميين. ومن المتوقع أن يكون الملك سلمان في مقدمة مستقبلي الرئيس بوتين في الرياض، بحضور الوزراء وكبار مسؤولي الدولة، وسيتم فرش البساط الأحمر للرئيس بوتين، فهذا يعكس تقدير حكومة وشعب المملكة للرئيس بوتين والشعب الروسي الصديق. وعندما يلتقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس بوتين في الرياض، في قمة سعودية روسية، فإن هذا اللقاء سيتابعه المراقبون ومهندسو مراكز صناعة القرار في العالم، وسيكون اللقاء فرصة لمناقشة مجالات واسعة للتعاون الاقتصادي بين الدولتين، ودفع عجلة الاستثمارات والمشاريع المشتركة، خصوصا أن روسيا قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية مؤثرة في العالم، ولها أدوار مهمة تلعبها في التطورات الإقليمية والشرق أوسطية وفي محيط الأممالمتحدة، ولا يمكن تجاهل الدور الروسي المتنامي في شؤون المنطقة سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا. ولقد أعدت المملكة برنامجا متكاملا لزيارة الرئيس بوتين التي تستغرق يومين، إذ ستعقد المباحثات الرسمية بين الملك سلمان والرئيس بوتين الإثنين، وسيقيم الملك سلمان حفلا تكريميا للرئيس بوتين والوفد المرافق له، كما سيشهد الملك سلمان والرئيس بوتين مراسم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية في عدد من المجالات المهمة. كما أعدت وزارة الثقافة برنامجا ثقافيا تحت شعار «الثقافة الروسية في الرياض» في مركز الملك فهد الثقافي مصاحبا لفعاليات الزيارة، الذي يتضمن حفلا للفرقة الموسيقية شيكوفسكي أوركسترا التي تعكس الفن الروسي القديم، إلى جانب معرض الذكاء الاصطناعي الروسي. وسيعقد الرئيس بوتين لقاء مطولا مع ولي العهد، سيتم خلاله استعراض كافة جوانب العلاقات وسبل تعزيزها في إطار رؤية المملكة 2030، لإعادة تموضع العلاقات السعودية الروسية وفق إستراتيجيات وتحالفات استثمارية واقتصادية وعسكرية في إطار المصالح المشتركة. وأفصحت مصادر روسية رفيعة ل«عكاظ» عن أن زيارة الرئيس الروسي بوتين تأتي في إطار إعطاء دفعة قوية لشراكات إستراتيجية بين الرياض وموسكو في مختلف المجالات النفطية والسياسية والاقتصادية والعسكرية. وستحظى الملفات السياسية والنفطية والعسكرية والاقتصادية بنصيب وافر في لقاء القمة السعودية الروسية، فضلا عن توحيد الرؤى في المواقف السياسية وكيفية حل النزاعات لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. وأشارت مصادر روسية إلى أن الزيارة ستعطي دفعة للعلاقات إلى آفاق جديدة تركز على بناء شراكات إستراتيجية في مجالات واعدة، مثل البتروكيماويات والطاقة والتصنيع العسكري. وعندما أشاد الرئيس بوتين في حوار تلفزيوني بدور السعودية كلاعب دولي على المستويين السياسي والاقتصادي وكذلك بالدور «المهم» في حل الأزمات في المنطقة، فضلا عن إدانته للهجمات التي استهدفت منشآت شركة أرامكو، فإنه يرسل رسالة بأن شراكة الرياض وموسكو هي شراكة طويلة، وتأتي لضبط الساعة على توقيت واحد. وكانت آخر زيارة للرئيس الروسي للمملكة منذ 12 عاما (في فبراير 2007)، فيما زار الملك سلمان روسيا في العام 2017، حينها وصفت تلك الزيارة بالتاريخية. في لقاء صناع القرار في الرياض؛ إنهاء توترات المنطقة ومناقشة الأزمات في الأولويات، إنها قمة سلمان - بوتين، لضبط الساعة على توقيت واحد.