يعتبر قرار تعيين مازن الكهموس رئيساً لمكافحة الفساد في المملكة تغييرا إستراتيجيا في إستراتيجية مكافحة الفساد، حيث أعلن أن الإستراتيجية القادمة هي استئصال الفساد وسط الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار الفاسدين منهم فقط. ولتحقيق هذه الإستراتيجية فإنها تحتاج لأربعة مرتكزات رئيسية؛ وهي التكامل، والسرعة، والتخصص، والفعالية. لذا بدأت بتغيير منظومة عمل الهيئة والقضاء على الإجراءات البيروقراطية السابقة بين الجهات الثلاث، وهي المباحث الإدارية، والنيابة، وهيئة مكافحة الفساد. ويتبقى من هذا المثلث وزارة العدل المختصة بإصدار الأحكام والإدانة. هناك مرحلة لا تقل أهمية عن المرحلة السابقة لتحقيق التكامل والفعالية والسرعة بين جهات الاستدلال والتحقيق ومعامل الأدلة الجنائية الرقمية، حيث إن الثورة الرقمية قد أجبرت الجميع على الانتقال إلى العالم الافتراضي، ومن هنا بدأت تنشأ أهمية الأدلة الجنائية الرقمية التي من أهم عيوبها سرعة تلفها وإخفائها إذا لم يتم التعامل معها بشكل سريع. لذا يحتاج المحقق إلى السرعة للحصول على المعلومة. ولاستئصال الفساد وسط الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار الفاسدين نحتاج إلى الاستفادة من طفرة الأدلة الرقمية المتواجدة في كل مكان لإثبات التهمة والإدانة. ولكن تحتاج إلى برامج متخصصة ومهارات وقدرات عالية قادرة على التعامل مع مثل هذه التحقيقات. ولذا تحتاج هذه اللجنة أن يكون هناك تنسيق عالي المستوى بين المحققين في النيابة العامة والمختصين في معامل الأدلة الرقمية. وتحتاج إلى تطوير قدرات المحققين لمعرفة كيفية الاستفادة من الأدلة الرقمية وتطوير المختصين في معامل الأدلة الجنائية الرقمية. وهنا تأتي أهمية التركيز على المعامل الجنائية الرقمية لتكون ضمن هذا التحالف. استشعرت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية هذه الفجوة، وقامت بإعادة صياغة إستراتجيتها، ومن أهم إستراتيجيتها المستقبلية هي التركيز والاستثمار في الأدلة الجنائية الرقمية لتطوير القادة الأمنيين في هذا المجال. لذا بدأت مرحلة الاستثمار في إنشاء معامل رقمية بمواصفات عالمية لسد تلك الفجوة في المجالات المتعددة للأدلة الرقمية لتدريب المختصين في المعامل والمحققين في جرائم الإرهاب وغسل الأموال والفساد والاختراقات والبرامج الخبيثة. أعتقد أننا بحاجة إلى بناء منظومة متكاملة للأدلة الجنائية الرقمية لتلبي احتياجات المنظومة العدلية الجنائية، وهي جهات الاستدلال والتحقيق والقضاء، فهي التي تستطيع أن تقوم بالتعامل مع الأجهزة الإلكترونية في أوضاعها الثلاثة المختلفة؛ كأداة لارتكاب الجريمة أو مخزن للأدلة الرقمية أو ضحية لهجوم إلكتروني. * عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي - الأدلة الرقمية