رحم الله الأخ والزميل العزيز رضا لاري.. وجعل مثواه الجنة. فعندما كلفت بتسلم رئاسة تحرير «عكاظ» أواخر عام 1400ه، كان أول شيء فكرت فيه هو زيارته في منزله والاستماع إلى نصائحه والاستفادة من خبرته في رئاسة تحرير الصحيفة في الفترة السابقة. وحين لم أتمكن من الوصول إليه ذهبت إلى أخيه الأستاذ عبد البديع لاري وكان مسؤولا عن معرض «العروسة» للأثاث الفاخر قريبا من مبنى الخطوط السعودية بالكندرة، وطلبت منه أن يجمع بيننا، بهدف احتواء الموقف والفوز بقلمه كاتبا سياسيا متميزا في الصحيفة التي أدار شؤونها بنجاح في الفترة الماضية. وبأدبه الجم فقد وعدني بذلك، لكن اللقاء لم يتم لأسباب لا أعرفها، وقد ظللت أمني نفسي بالجلوس معه في يوم من الأيام. ولم يتحقق ذلك إلا بعد أن أن كُلّف برئاسة تحرير سعودي جازيت عندما كان الأستاذ إياد مدني مديرا عاما للمؤسسة، واستمرت علاقتنا كزملاء داخل مؤسسة واحدة. وعندما استقال الأستاذ إياد مدني طرح اسم المرحوم كبديل عنه مع وجود الأستاذ محمد الحسون المكلف بإدارة المؤسسة ولم أمانع القبول بالفكرة.. لكن الظروف شاءت بعد ذلك أن يأتي التكليف الرسمي بإدارة المؤسسة من وزير الإعلام الدكتور فؤاد الفارسي باسمي إلى جانب رئاسة التحرير.. وكان ما كان. تلك هي ملابسات ما قد يعتبره البعض شكلا من إشكالات الخلافات وهي وإن وقعت بالصدفة إلا أنها كانت خارجة عن إرادة كلينا. وللحق.. فإن الزميل رضا (يرحمه الله) كان إنسانا محترما بكل معاني الكلمة.. تحسب له أدواره المعروفة سواء في المجال الدبلوماسي أو في العملية الصحفية.. فضلا عن القبول الاجتماعي الكبير الذي كان يحظى به في كل الأوساط. وهو محلل سياسي وصاحب مواقف واضحة ومعروفة في التعامل مع القضايا والأحداث ولا سيما العربية منها. كما أنه كان إنسانا ذا نكهة خاصة، لا يجمعه مجلس بأحد كبير أو صغير شأن إلا وأثنى عليه وأشاد بخفة ظله وطلاوة أحاديثه. ولا شك أن تجربته الدبلوماسية قد منحته رؤية خاصة به، ولاسيما في الشأن العربي العربي، وإن اختلف معه الكثيرون فيها وبالذات خلال فترة رئاسة الرئيس المصري الراحل أنور السادات (يرحمه الله)، فقد كان رضا من أكبر المؤيدين لسياساته ومواقفه بالرغم من مواقفه القومية السابقة وتجربته الدبلوماسية الواسعة. وهو وإن غادرنا إلى دار الخلود يرحمه الله إلا أن المؤسسة سعدت بحلول ابنه محمد في مكانه الطبيعي عضوا بمؤسسة عكاظ. غفر الله له، وأسكنه الجنة، فهو جزء مهم من تاريخ مؤسستنا وقد افتقدناه حقا وصدقا.