للمعروف نوايا صافية.. ولغة وافية.. ومواقف شافية.. تستخدم لخدمة الناس في المياسرة والمعاسرة لبلوغ أسمى الغايات النبيلة التي لا بد من أن تجد مكانها الأرحب عند أهل النعمة والهمة واستجابتهم لنداءات الخير.. وانتهاز شمولهم بنفحات ربانية تحتسب لهم ومنهم عند من لا يضيع عنده الأجر.. بمواساة أصحاب النفوس المنكسرة التي كثيراً ما يتألمون من مرارة الاعتذار!. وما هي أخلاقيات الرجال التي تتوارثها الأجيال فتتمجد ذكراهم بثناءات عاطرة تتوالى كفرحة زفاف أبدي اسمه: الخير. والمنابذة إنما هي صورة قائمة تعكس عجز النفس عن بلوغ محاسن الرضا والانطفاء لإرداتها بقناعة الارتماض والتعنت، وأنها في ازدحاماتها تتعثر من رقيق الكلام والالتزام.. إن الرجاء المعقول لا يقبله المنطق المعلول وليس له عند البخلاء أي قبول. والمعروف كممارسة إنسانية.. لا يعني تشويه الحقيقة ومغالطة الرأي الصريح ومن يستطيع تشويهه انتصارا للشر وللباطل غير من ينكره. ومن يمن بجاهه في مساعدة من يقصده بما يتوافق مع نزاهة النفس فكأنما يرفض باختياره إضافة حسنات الدنيا التي لا تصلح إلا في موقف يوم عظيم. وكم نجد من كان همه أن تشعر بما يشعر به وتألقه بمميزات الصبر حينما يصطدم بشحّ النفس وقد وضع ثقته في محل الرجاء فيخونه الرد البخيل. فيستدل بذلك على متضادات محب للخير وكاره له ومن يتواضع بفضله فيرتفع به ومن يتثاقل فيه فيخزيه. والكبرياء يجب ألا يكون على حساب سكينة النفس ومصيرها.. وأن الطبائع لا تتنافر في أغراض شريفة وإنما تتوفى من استجداءات مخيفة يحقق بها صاحبها شهواته وانحرافاته تحت استعارات أسباب كثيرة وأعذار مريرة. ها هو الزمن الذي يحذرنا من افتراض حسنة النية لمحتاج قد يستغل ما نعطيه لينفقه في عادة خفية سيئة. وهنا تكون لأولوية الإيثار رؤية واعية لا تؤثر فيها جاذبية دموع الخداع حتى لا تختلط الاتهامات فتشير إلى تسميات يرتفع صوتها عن البخيل والنبيل في حالة العطاء أو الامتناع. وسبحان عالم السرّ وما يخفى. ومضة: «فعلاتُ تُقرُّ نواظري فتكونُ أجلبَ جالَبٍ لبكائي» * كاتب سعودي